للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مطلب: في الصابئين وفي بعض فرق النصارى]

وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ أَيْضًا فِي حُكْمِ الصَّابِئِينَ، وَهَلْ هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ أَمْ لَا، وَهُمْ فَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا: بِنَوَاحِي كَسْكَرَ وَالْبَطَائِحَ، وَهُمْ فِيمَا بَلَغْنَا صِنْفٌ مِنْ النَّصَارَى، وَإِنْ كَانُوا مُخَالِفِينَ لَهُمْ فِي كَثِيرٍ مِنْ دِيَانَاتِهِمْ; لِأَنَّ النَّصَارَى فِرَقٌ كَثِيرَةٌ مِنْهُمْ الْمَرْقُونِيَّةُ والْآرْيُوسِيَّةُ، وَالْمَارُونِيَّةُ، وَالْفِرَقُ الثَّلَاثُ مِنْ النَّسْطُورِيَّةِ وَالْمَلْكِيَّةِ، وَالْيَعْقُوبِيَّةِ يَبْرَءُونَ مِنْهُمْ، وَيُحَرِّمُونَهُمْ، وَهُمْ يَنْتَمُونَ إلَى يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا، وَشِيثٌ، وَيَنْتَحِلُونَ كُتُبًا يَزْعُمُونَ أَنَّهَا كُتُبُ اللَّهِ الَّتِي أَنْزَلَهَا عَلَى شِيثِ بْنِ آدَمَ، وَيَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا،, وَالنَّصَارَى تُسَمِّيهِمْ يُوحَنَّاسِيَّةَ; فَهَذِهِ الْفِرْقَةُ يَجْعَلُهَا أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَيُبِيحُ أَكْلَ ذَبَائِحِهِمْ، وَمُنَاكَحَةَ نِسَائِهِمْ. وَفِرْقَةٌ أُخْرَى قَدْ تَسَمَّتْ بِالصَّابِئِينَ، وَهُمْ الْحَرَّانِيُّونَ الَّذِينَ بِنَاحِيَةِ حَرَّانَ، وَهُمْ عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ، وَلَا يَنْتَمُونَ إلَى أَحَدٍ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ، وَلَا يَنْتَحِلُونَ شَيْئًا مِنْ كُتُبِ اللَّهِ، فَهَؤُلَاءِ لَيْسُوا أَهْلَ الْكِتَابِ. وَلَا خِلَافَ أَنَّ هَذِهِ النِّحْلَةَ لَا تُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُمْ، وَلَا تُنْكَحُ نِسَاؤُهُمْ، فَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي جَعْلِهِ الصَّابِئِينَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَحْمُولٌ عَلَى مُرَادِهِ الْفِرْقَةَ الْأُولَى. وَأَمَّا أَبُو يُوسُفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>