للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مطلب: يجوز لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَصِفَ نَفْسَهُ بِالْفَضْلِ عِنْدَ مَنْ لا يعرفه

وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ جَائِزٌ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَصِفَ نَفْسَهُ بِالْفَضْلِ عِنْدَ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَحْظُورِ مِنْ تَزْكِيَةِ النَّفْسِ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [لنجم:٣٢] .

قَوْله تَعَالَى: {ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ} إلَى قَوْلِهِ: {فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي} يُقَالُ إنَّ الَّذِي اقْتَضَى طَلَبَهُ لِلْأَخِ مِنْ أَبِيهِمْ مُفَاوَضَتُهُ لَهُمْ بِالسُّؤَالِ عَنْ أَخْبَارِهِمْ، فَلَمَّا ذَكَرُوا إيثَارَ أَبِيهِمْ لَهُ عَلَيْهِمْ بِمَحَبَّتِهِ إيَّاهُ مَعَ حِكْمَتِهِ أَظْهَرَ أَنَّهُ يُحِبُّ أَنْ يَرَاهُ وَأَنَّ نَفْسَهُ مُتَطَلِّعَةٌ إلَى عِلْمِ السَّبَبِ فِي ذَلِكَ، وَكَانَ غَرَضُهُ فِي ذُلِّ التَّوَصُّلِ إلَى حُصُولِهِ عِنْدَهُ وَكَانَ قَدْ خَافَ أَنْ يَكْتُمُوا أَبَاهُ أَمْرَهُ إنْ ظَهَرَ لَهُمْ أَنَّهُ يُوسُفُ وَأَنْ يَتَوَصَّلُوا إلَى أَنْ يَحُولُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِاجْتِمَاعِ مَعَهُ وَمَعَ أَخِيهِ، فَأَجْرَى تَدْبِيرَهُ عَلَى تَدْرِيجٍ لِئَلَّا يَهْجُمَ عَلَيْهِمْ مَا يَشْتَدُّ اضْطِرَابُهُمْ معه.

<<  <  ج: ص:  >  >>