للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْ سُورَةِ إبْرَاهِيمَ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} روى أبو ظبيان عن ابن عباس قال: "غَدْوَةٌ وَعَشِيَّةٌ". وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "هِيَ النَّخْلَةُ تُطْعَمُ فِي كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ"، وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَعَامِرٍ وَعِكْرِمَةَ. وَرَوَى اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: "أَرَى الْحِينَ سَنَةً"، وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ الْحَكَمِ وَحَمَّادٍ مِنْ قَوْلِهِمَا، وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي رِوَايَةٍ مِنْ قَوْلِهِ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: "الْحِينُ شَهْرَانِ، مِنْ حِينِ تُصْرَمُ النَّخْلُ إلَى أَنْ تَطْلُعَ"، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ النَّخْلَةَ لَا تَكُونُ فِيهَا أُكُلُهَا إلَّا شَهْرَيْنِ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الْحِينَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ. وَرَوَى الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْحِينِ فَقَالَ: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} : سِتَّةَ أَشْهُرٍ، {لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ} [يوسف:٣٥] : ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} [ص:٨٨] : يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَرَوَى هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا وَكَذَا إلَى حِينٍ فَغُلَامُهُ حَرٌّ، فَأَتَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَسَأَلَهُ، فَسَأَلَنِي عَنْهَا فَقُلْت: إنَّ مِنْ الْحِينِ حِينٌ لَا يُدْرَكُ قَوْلُهُ: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [الأنبياء:١١١] فَأَرَى أَنْ يُمْسَكَ مَا بَيْنَ صِرَامِ النَّخْلِ إلَى حَمْلِهَا فَكَأَنَّهُ أَعْجَبَهُ. وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الْحَسَنِ: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} قَالَ: "مَا بَيْنَ سِتَّةِ الْأَشْهُرِ أَوْ السَّبْعَةِ".

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْحِينُ اسْمٌ يَقَعُ عَلَى وَقْتٍ مُبْهَمٍ، وَجَائِزٌ أَنْ يُرَادَ بِهِ وَقْتٌ مُقَدَّرٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم:١٧] ثُمَّ قَالَ: {وَحِينَ تُظْهِرُونَ} [الروم:١٨] فَهَذَا عَلَى وَقْتِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَوَقْتِ الظُّهْرِ وَوَقْتِ الْمَغْرِبِ عَلَى اخْتِلَافٍ فِيهِ لِأَنَّهُ قَدْ أُرِيدَ بِهِ فِعْلُ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ، فَصَارَ "حِينَ " فِي هَذَا الْمَوْضِعِ اسْمًا لِأَوْقَاتِ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ. وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْهُ فِي الْحِينِ أَنَّهُ غَدْوَةٌ وَعَشِيَّةٌ ذَهَبَ إلَى مَعْنَى قَوْله تَعَالَى: {حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم:١٧] وَيُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ أَقْصَرُ الْأَوْقَاتِ، كقوله تعالى: {وَسَوْفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>