للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في التَّسْمِيَةِ عَلَى الذَّبِيحَةِ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهَذَا الذِّكْرِ التَّسْمِيَةَ عَلَى الذَّبِيحَةِ فَقَدْ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ شَرَائِطِ الذَّكَاةِ; لِأَنَّ الْآيَةَ تَقْتَضِي وُجُوبَهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَالَ: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} إلَى قَوْلِهِ: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} فَكَانَتْ الْمَنَافِعُ هِيَ أَفْعَالُ الْمَنَاسِكِ الَّتِي يَقْتَضِي الْإِحْرَامُ إيجَابَهَا، فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ التَّسْمِيَةُ وَاجِبَةً; إذْ كَانَ الدُّعَاءُ إلَى الْحَجِّ وَقَعَ لَهَا كَوُقُوعِهَا لِسَائِرِ مَنَاسِكِ الْحَجِّ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالتَّسْمِيَةِ هِيَ الذِّكْرُ الْمَفْعُولُ عِنْدَ رَمْيِ الْجِمَارِ أَوْ تَكْبِيرِ التَّشْرِيقِ فَقَدْ دَلَّتْ الْآيَةُ عَلَى وُجُوبِ هَذَا الذِّكْرِ، وَلَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ جَمِيعَ ذَلِكَ وَهُوَ التَّسْمِيَةُ عَلَى الْهَدَايَا الْمُوجَبَةِ بِالْإِحْرَامِ لِلْقِرَانِ أَوْ التَّمَتُّعِ وَمَا تَعَلَّقَ وُجُوبُهَا بِالْإِحْرَامِ وَيُرَادُ بِهَا تَكْبِيرُ التَّشْرِيقِ وَالذِّكْرُ الْمَفْعُولُ عِنْدَ رَمْيِ الْجِمَارِ; إذْ لَمْ تَكُنْ إرَادَةُ جَمِيعِ ذَلِكَ مُمْتَنِعَةً بِالْآيَةِ. وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: "كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ حِينَ يَنْحَرُ: لَا إلَهَ إلَّا الله والله أكبر". وروى الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي ظَبْيَانِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "قُلْتُ: كَيْفَ تَقُولُ إذَا نَحَرْتَ؟ قَالَ: أَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ". وَرَوَى سُفْيَانُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الزُّبَيْدِيِّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ شَرِيفٍ: "أَنَّ عَلِيًّا ضَحَّى يَوْمَ النَّحْرِ بِكَبْشٍ فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ ومن علي لك.

<<  <  ج: ص:  >  >>