للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ صِفَةِ الضَّرْبِ فِي الزِّنَا

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَأَبِي مِجْلَزٍ قَالُوا: "فِي تَعْطِيلِ الْحُدُودِ لَا فِي شِدَّةِ الضَّرْبِ". وَرَوَى ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ جَارِيَةً لِابْنِ عُمَرَ زَنَتْ فَضَرَبَ رِجْلَيْهَا، وَأَحْسَبُهُ قَالَ: وَظَهْرَهَا، قَالَ: فَقُلْت لَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ قَالَ: يَا بُنَيَّ وَرَأَيْتنِي أَخَذَتْنِي بِهَا رَأْفَةٌ؟ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَأْمُرْنِي أَنْ أَقْتُلَهَا وَلَا أَنْ أَجْعَلَ جَلْدَهَا فِي رَأْسِهَا وَقَدْ أَوْجَعْت حَيْثُ ضَرَبْت. وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَالشَّعْبِيِّ قَالُوا: "فِي الضَّرْبِ".

وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي شِدَّةِ الضَّرْبِ فِي الْحُدُودِ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ: "التَّعْزِيرُ أَشَدُّ الضَّرْبِ، وَضَرْبُ الزِّنَا أَشَدُّ مِنْ ضَرْبِ الشَّارِبِ، وَيُضْرَبُ الشَّارِبُ أَشَدُّ مِنْ ضَرْبِ الْقَاذِفِ". وَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ: "الضَّرْبُ فِي الْحُدُودِ كُلِّهَا سَوَاءٌ غَيْرُ مُبَرِّحٍ بَيْنَ الضَّرْبَيْنِ". وَقَالَ الثَّوْرِيُّ ضَرْبُ الزِّنَا أَشَدُّ مِنْ ضَرْبِ الْقَذْفِ، وَضَرْبُ الْقَذْفِ أَشَدُّ مِنْ ضَرْبِ الشُّرْبِ". وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ ضَرْبُ الزِّنَا أَشَدُّ مِنْ ضَرْبِ الشُّرْبِ وَالْقَذْفِ". وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: "حَدُّ الزِّنْيَةِ أَشَدُّ مِنْ حَدِّ الْفِرْيَةِ وَحَدُّ الْفِرْيَةِ وَالْخَمْرِ وَاحِدٌ". وَعَنْ الْحَسَنِ قَالَ ضَرْبُ الزِّنَا أَشَدُّ مِنْ الْقَذْفِ وَالْقَذْفُ أَشَدُّ مِنْ الشُّرْبِ وَضَرْبُ الشُّرْبِ أَشَدُّ مِنْ ضَرْبِ التَّعْزِيرِ". وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ ضَرَبَ رَجُلًا قَاعِدًا وَعَلَيْهِ كِسَاءٌ قَسْطَلَّانِيٌّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>