للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْ سُورَةِ الْجَاثِيَةِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْله تَعَالَى: {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ} قَالَ: نَسَخَهَا قَوْله تَعَالَى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: ٥] .

قَوْله تَعَالَى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} قَالَ: "لَا يَهْوَى شَيْئًا إلَّا رَكِبَهُ، لَا يَخَافُ اللَّهَ" قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ أَنَّ الْهَوَى إلَهٌ يُعْبَدُ، وَتَلَا قَوْله تَعَالَى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} يَعْنِي يُطِيعُهُ كَطَاعَةِ الْإِلَهِ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: "كَانُوا يَعْبُدُونَ الْعُزَّى وَهُوَ حَجَرٌ أَبْيَضُ حِينًا مِنْ الدَّهْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا مَا هُوَ أَحْسَنُ مِنْهُ طَرَحُوا الْأَوَّلَ وَعَبَدُوا الْآخَرَ" وَقَالَ الْحَسَنُ: "اتَّخَذَ إلَهَهُ هَوَاهُ يَعْنِي لَا يَعْرِفُ إلَهَهُ بِحُجَّةِ عَقْلِهِ، وَإِنَّمَا يَعْرِفُهُ بِهَوَاهُ".

قَوْله تَعَالَى: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} قِيلَ هُوَ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، أَيْ: نَحْيَا وَنَمُوتُ مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ، وَقِيلَ: نَمُوتُ وَيَحْيَا أَوْلَادُنَا، كَمَا يُقَالُ: مَا مَاتَ مَنْ خَلَّفَ ابْنًا مِثْلَ فُلَانٍ.

وَقَوْلُهُ: {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} فَإِنَّهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} قَالَ: "قَالَ ذَلِكَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ، قَالُوا: مَا يُهْلِكُنَا إلَّا الدَّهْرُ، يَقُولُونَ: إلَّا الْعُمُرُ" قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا قَوْلُ زَنَادِقَةِ قُرَيْشٍ الَّذِينَ كَانُوا يُنْكِرُونَ الصَّانِعَ الْحَكِيمَ، وَأَنَّ الزَّمَانَ وَمُضِيَّ الْأَوْقَاتِ هُوَ الَّذِي يُحْدِثُ هَذِهِ الْحَوَادِثَ. وَالدَّهْرُ اسْمٌ يَقَعُ عَلَى زَمَانِ الْعُمُرِ كَمَا قَالَ قَتَادَةُ، يُقَالُ: فُلَانٌ يَصُومُ الدَّهْرَ، يَعْنُونَ عُمْرَهُ كُلَّهُ وَلِذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا: إنَّ مِنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا الدَّهْرَ أَنَّهُ عَلَى عُمُرِهِ كُلِّهِ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: "وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك الْأَبَدَ" وَأَمَّا قَوْلُهُ: "لَا أُكَلِّمُك دَهْرًا" فَإِنَّ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ على ستة أشهر،

<<  <  ج: ص:  >  >>