للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا الشَّرْعِيِّ السَّلَمُ فِي الْحَيَوَانِ

قَالَ عُمَرُ: "إنَّ مِنْ الرِّبَا أَبْوَابًا لَا تَخْفَى مِنْهَا السَّلَمُ فِي السِّنِّ" وَلَمْ تَكُنْ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ رِبًا، فَعُلِمَ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ تَوْقِيفًا. فَجُمْلَةُ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ اسْمُ الرِّبَا فِي الشَّرْعِ النَّسَاءُ وَالتَّفَاضُلُ عَلَى شَرَائِطَ قَدْ تَقَرَّرَ مَعْرِفَتُهَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ وَالْفَضْلُ رِبًا، وَالشَّعِيرُ مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ وَالْفَضْلُ رِبًا" وَذَكَرَ التَّمْرَ وَالْمِلْحَ وَالذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ، فَسَمَّى الْفَضْلَ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ رِبًا. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبَّاسٍ: "إنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ" وَفِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ: "لَا رِبًا إلَّا فِي النَّسِيئَةِ" فَثَبَتَ أَنَّ اسْمَ الرِّبَا فِي الشَّرْعِ يَقَعُ عَلَى التَّفَاضُلِ تَارَةً وَعَلَى النَّسَاءِ أُخْرَى. وَقَدْ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: "لَا رِبَا إلَّا فِي النَّسِيئَةِ، وَيَجُوزُ بَيْعُ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ مُتَفَاضِلًا" وَيَذْهَبُ فِيهِ إلَى حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ; ثُمَّ لَمَّا تَوَاتَرَ عِنْدَهُ الْخَبَرُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ فِي الْأَصْنَافِ السِّتَّةِ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ. قَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ: رَجَعَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ فِي الصَّرْفِ وَعَنْ قَوْلِهِ فِي الْمُتْعَةِ. وَإِنَّمَا مَعْنَى حَدِيثِ أُسَامَةَ النَّسَاءُ فِي الْجِنْسَيْنِ، كَمَا رَوَى فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَغَيْرِهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "الْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ مثلا

<<  <  ج: ص:  >  >>