للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن تأويل صفات الله تعالى ونفيها باب واسع، يمكن الدخول إليه عن طريق المجاز – كما فعل ذلك أهل التعطيل والتأويل – ويمكن ذلك عن طريق التأويل، وعن طريق القول بأن نصوص الكتاب والسنة أدلة لفظية، لا تفيد اليقين فلا تثبت بها العقائد، وغير ذلك (١) .

ولما كان المجاز من أعظم الطرق وأكثرها استعمالاً، ومن أوسع الأبواب التي ولج منها المؤولون للصفات والنافون لها، قام بسد هذا الباب، وقطع هذا الطريق، وقال بمنع وقوع المجاز مطلقًا في القرآن الكريم وفي اللغة بعض علماء أهل السنة، لذلك عد ابن القيم المجاز طاغوتًا، فقال: "فصل في كسر الطاغوت الثالث الذي وضعته الجهمية لتعطيل حقائق الأسماء والصفات وهو طاغوت المجاز" (٢) .

قال ابن رجب: "ومن أنكر المجاز من العلماء فقد ينكر إطلاق اسم المجاز لئلا يوهم هذا المعنى الفاسد، ويصير ذريعة لمن يريد جحد حقائق الكتاب والسنة ومدلولاتهما.

ويقول: غالب من تكلم بالحقيقة والمجاز هم المعتزلة، ونحوهم من أهل البدع، وتطرفوا بذلك إلى تحريف الكلم من مواضعه، فيمتنع من التسمية بالمجاز، ويجعل جميع الألفاظ حقائق (٣) .

ويقول: اللفظ إن دل بنفسه فهو حقيقة لذلك المعنى، وإن دل بقرينة فدلالته بالقرينة حقيقة للمعنى الآخر، فهو حقيقة في الحالين" (٤) .

وقد صرح ابن قدامة بكون هذا الخلاف لفظيًا، فقال بعد أن ذكر أمثلة على وقوع المجاز واستعماله في القرآن الكريم:


(١) انظر: "الصواعق المرسلة" (٢/٦٣٢) .
(٢) "مختصر الصواعق" (٢٣١) .
(٣) انظر مثالاً على ذلك: "مجموع الفتاوى" (٧/٨٨، ١٠٨) ، وبعضهم يسميه أسلوبًا عربيًا. انظر: "مذكرة الشنقيطي" (٦٠) .
(٤) "ذيل طبقات الحنابلة" (١/١٧٤، ١٧٥) .

<<  <   >  >>