للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"....وذلك كله مجاز؛ لأنه استعمال للفظ في غير موضوعه، ومن منع فقد كابر، ومن سلم وقال: لا أسميه مجازًا (١) ؛ فهو نزاع في عبارة لا فائدة في المشاحة فيه. والله أعلم" (٢) .


(١) قال ابن تيمية اعتراضًا على تقسيم اللفظ إلى حقيقة ومجاز ما ملخصه: "إن هذا التقسيم يستلزم أن يكون اللفظ قد وضع أولاً لمعنى ثم بعد ذلك قد يستعمل في موضوعه وقد يستعمل في غير موضوعه، وهذا كله إنما يصح لو ثبت أن الألفاظ العربية وضعت أولاً لمعانٍ ثم بعد ذلك استعملت فيها فيكون لها وضع متقدم على الاستعمال، وهذا إنما يصح على القول بأن اللغات اصطلاحية.
وهذا القول لا نعرف أحدًا من المسلمين قاله قبل أبي هاشم الجبائي فإنه لا يمكن أحدًا النقلُ عن العرب أو أمة غيرهم أنه اجتمع جماعة منهم فوضعوا جميع الأسماء الموجودة في اللغة ثم استعملوها بعد هذا الوضع، إلا أنه قد يقال: إن الله يلهم الحيوانات من الأصوات ما يعرف به بعضها مراد بعض، وكذلك الآدميون فالمولود يسمع من يربيه ينطق باللفظ ويشير إلى المعنى فصار يعلم أن هذا اللفظ يستعمل في ذلك المعنى، وهكذا حتى يعرف لغة القوم الذين نشأ بينهم دون أن يصطلحوا على وضع متقدم، فعلم أن الله ألهم النوع الإنساني التعبير عما يريده ويتصوره بلفظه، وأن أول من علم ذلك آدم، وأبناءه علموا كما علم، وإن اختلفت اللغات فهذا الإلهام كافٍ في النطق باللغات من غير مواضعة متقدمة وهذا قد يسمى توقيفًا، فمن ادعى وضعًا متقدمًا فقد قال ما لا علم له به، وإنما المعلوم هو الاستعمال" اهـ. انظر"مجموع الفتاوى" (٧/٩٠ – ٩٦) .
(٢) "روضة الناظر" (١/١٨٢، ١٨٣) ، وانظر: "نزهة الخاطر العاطر" (١/١٨٢ – ١٨٤) .

<<  <   >  >>