للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الرابعة

منزلة السنة من القرآن

والمقصود بهذه المسألة الجواب على السؤال الآتي:

أيهما يقدم على الآخر الكتاب أم السنة؟

ويتضح هذا الجواب من خلال اعتبارات أربعة:

١- باعتبار المصدرية فلا شك أن القرآن والسنة في منزلة واحدة إذ الكل وحي من الله، قال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٣، ٤] .

أ- وقد ذهب بعض أهل العلم (١) إلى أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يسن سنة إلا بوحي احتجاجًا بهذه الآية.

ب- وقيل: بل جعل الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم - بما افترض من طاعته أن يسن فيما ليس فيه نص كتاب، والدليل على ذلك قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ} [النساء: ١٠٥] .

فخصه الله بأن يحكم برأيه لأنه معصوم وأن معه التوفيق.

جـ- وقيل: أُلقي في روعه - صلى الله عليه وسلم - كل ما سنه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الروح الأمين قد ألقى في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها، فأجملوا في الطلب» (٢) .

د- وقيل: لم يسن - صلى الله عليه وسلم - سنة قط إلا ولها أصل في الكتاب، فجميع سنته بيان للكتاب، فما سنه - صلى الله عليه وسلم - من البيوع فهو بيان لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: ٢٩] ، * وقوله: {وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥] .

قال الشافعي بعد ذكر هذه الأقوال أو بعضها: "وأي هذا كان فقد بين الله


(١) انظر: "الرسالة (٩٢ - ١٠٤) ، و"الفقيه والمتفقه" (١/٩٠ - ٩٤) .
(٢) أخرجه الشافعي في "الرسالة" (٩٣) برقم (٣٠٦) ، ورجح الشيخ أحمد شاكر صحة إسناده. انظر تعليقه على كتاب "الرسالة" (٩٧) .

<<  <   >  >>