للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتفريق بين أحاديث الأحكام والعقائد أمر حادث فهو بدعة في دين الله؛ لأن هذا الفرق لا يعرف عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم ولا عن أحد من التابعين ولا عن تابعيهم، ولا عن أحد من أئمة الإسلام، وإنما يعرف عن رؤوس أهل البدع ومن تبعهم (١) .

د- خبر الواحد حجة في جميع الأحكام ومختلف الأبواب والمسائل:

لا فرق في ذلك بين ما عمت به البلوى وما لم تعم البلوى به، وبين ما يسقط بالشبهات وما لا يسقط بها، وبين ما زاد على القرآن وما كان مبينًا له أو موافقًا، وبين ما يقال: إنه مخالف للقياس أو موافق له، فالمقصود أن أهل السنة يأخذون بالحديث إذا صح ولم يوجد حديث صحيح ناسخ له.

والدليل على ذلك: عموم الأدلة الدالة على وجوب الأخذ بخبر الواحد؛ فإنها لم تقيد ذلك بمسألة أو بشرط، بل إن الثابت عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة المهتدين العملُ بأحاديث الآحاد الصحيحة وقبولها دون شرط أو تفريق بين مسألة وأخرى (٢) .

نعم قد ترك بعض السلف الأخذ ببعض الأحاديث، إلا أن هذا ليس اتفاقًا منهم جميعًا على ذلك، بل الذين قبلوه أضعاف أضعاف الذين ردوه.

والراجح قطعًا قول الأكثرين دون قول الآخرين، فإن حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صح لا يرد بشيء أبدًا؛ إلا بحديث مثله ناسخ له، ولا يجوز رده بغير ذلك البته (٣) .

قال الإمام الشافعي: "إذا وجدتم سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاتبعوها، ولا تلتفتوا إلى أحد" (٤) .

وقال الإمام أحمد: "من رد حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو على شفا هلكة" (٥) .


(١) انظر: "مختصر الصواعق" (٥٠٣) .
(٢) انظر: "الرسالة" (٢١٩) ، و"جامع بيان العلم وفضله" (٢/١٤٨، ١٩٠، ١٩١) ، و"مجموع الفتاوى" (١٣/٢٨، ٢٩) ، و"مختصر الصواعق" (٥٠٢ – ٥٠٩) .
(٣) انظر: "مختصر الصواعق" (٥٠٦) .
(٤) انظر المصدر السابق (٤٤٩) .
(٥) انظر المصدر السابق (٥٠٨) .

<<  <   >  >>