للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كموارد الاجتهاد في الأحكام، وأما ما اتفق العلماء على صحته فهو مثل ما اتفق عليه العلماء في الأحكام" (١) .

القاعدة الرابعة: لا شك أن المعتبر في هذه القرائن المختصة بأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - هو ما يذكره أهل الحديث فهم أهل الاختصاص والشأن، أما أهل الكلام وأتباعهم فإنهم غاية في قلة المعرفة بالحديث؛ فلا يحصل لهم –بسبب ذلك– العلم بأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنكار أهل الكلام لما علمه وقطع به أهل الحديث (٢) أقبح من إنكار ما هو مشهور من مذاهب الأئمة الأربعة عند أتباعهم (٣) .

* الفرع الثالث: الفرق بين مذهب هؤلاء الأئمة وغيرهم من أئمة السلف ومذهب من ذهب من أهل الكلام إلى أن خبر الواحد يفيد الظن يمكن تلخيصه في الأمور الآتية:

١- أن أهل السنة يثبتون بخبر الواحد الصحيح صفات الرب تعالى والعقائد الأخرى دون نظر إلى قضية القطع والظن.

قال ابن القيم: "المقام الخامس أن هذه الأخبار لو لم تفد اليقين فإن الظن الغالب حاصل منها ولا يمتنع إثبات الأسماء والصفات بها؛ كما لا يمتنع إثبات الأحكام الطلبية بها، فما الفرق بين باب الطلب وباب الخبر بحيث يحتج بها في أحدهما دون الآخر؟


(١) "مجموع الفتاوى (١٨/٢٢) .
(٢) ذهب بعض أهل العلم إلى أن خبر الواحد الصحيح لا يكون إلا مفيدًا للعلم؛ إذ الحديث الصحيح –في نظر هؤلاء– لا يتصور تجرده عن القرائن، فإذا وجدت الصحة في الخبر وجد معها أمران متلازمان: القرائن والعلم. وبناءً على ذلك فخبر الواحد إنما يفيد العلم لأجل القرائن لا مطلقًا.
ويتضح ذلك إذا عرفنا أن هذه القرائن التي ذكرها هؤلاء ملازمة لكل حديث صحيح لا تنفك عنه، مثل: أن رواة الحديث هم الصحابة الذين عُرفوا بالصدق والأمانة، وأن المروي هو قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وفيه من النور والجلالة والبرهان ما يشهد بصدقه. انظر: "مختصر الصواعق" (٤٦٦ – ٤٦٨) .
(٣) انظر: "مجموع الفتاوى" (١٨/٦٩، ٧٠) ، و"مختصر الصواعق" (٤٥٣ – ٤٥٥) ، وانظر «المسألة الخامسة» الخبر المتواتر تقسيمه باعتبار أهله إلى قسمين من هذا الكتاب، ففي هذا الموضع نقلان مهمان عن ابن تيمية وابن القيم.

<<  <   >  >>