للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهكذا مشاقة الرسول واتباع غير سبيل المؤمنين، ومن شاقه فقد اتبع غير سبيلهم وهذا ظاهر.

ومن اتبع غير سبيلهم فقد شاقه أيضًا؛ فإنه قد جعل له مدخلاً في الوعيد، فدل على أنه وصف مؤثر في الذم، فمن خرج عن إجماعهم فقد اتبع غير سبيلهم قطعًا.

والآية توجب ذم ذلك.

وإذا قيل: هي إنما ذمته مع مشاقة الرسول؟

قلنا: لأنهما متلازمان، وذلك لأن كل ما أجمع عليه المسلمون فإن يكون منصوصًا عن الرسول، فالمخالف لهم مخالف للرسول، كما أن المخالف للرسول مخالف لله، ولكن هذا يقتضي أن كل ما أُجمع عليه قد بينه الرسول وهذا هو الصواب" (١) .

ب- قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بالله} [آل عمران: ١١٠] ، فقد وصف الله تعالى هذه الأمة بأنهم يأمرون بكل معروفٍ وينهون عن كل منكرٍ، فلو قالت الأمة في الدين بما هو ضلال لكانت لم تأمر بالمعروف في ذلك ولم تنه عن المنكر فيه، فثبت أن إجماع هذه الأمة حق وأنها لا تجتمع على ضلالة (٢) .

جـ- قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: ١٤٣] ، والوسط: العدل الخيار، وقد جعل الله هذه الأمة شهداء على الناس، ولو كانوا يشهدون بباطل أو خطأ لم يكونوا شهداء الله في الأرض، وأقام شهادتهم مقام شهادة الرسول - صلى الله عليه وسلم - (٣) .

? ثانيًا: من السنة:

أ- قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فمن أراد بحبوحة الجنة فيلزم الجماعة» (٤) .


(١) "مجموع الفتاوى" (١٩/١٩٣، ١٩٤) .
(٢) انظر: "مجموع الفتاوى" (١٩/١٧٦، ١٧٧) ، و"شرح الكوكب المنير" (٢/٢١٧) .
(٣) انظر: "صحيح البخاري" (١٣/٣١٦) ، و"الفقيه والمتفقه" (١/١٦٠) ، و"مجموع الفتاوى" (١٩/١٧٧، ١٧٨) .
(٤) تقدم تخريجه في (ص١٧) تعليق رقم (٦) .

<<  <   >  >>