للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• الشرط الثاني: اتفقوا على اشتراط الإسلام، فلا يعتبر في الإجماع قول المجتهد الكافر الأصلي والمرتد بلا خلاف، وأما المكفر بارتكاب بدعة فلا يعتبر عند مكفره.

وذلك لأن الكافر لا يدخل تحت لفظ "المؤمنين" و"الأمة" في قوله تعالى: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: ١١٥] ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - «إن أمتي لا تجتمع على ضلالة» (١) .

أما الفاسق فإنه داخل تحت هذا العموم، ولأجل ذلك اختلف العلماء في العدالة: هل تشترط في أهل الإجماع أوْ لا تشترط؟

فذهب البعض إلى عدم الاشتراط وأن الفاسق داخل في أهل الإجماع لكونه داخلاً في عموم (المؤمنين) وعموم (الأمة) . وذهب آخرون إلى اشتراط العدالة وأن الفاسق لا يدخل في أهل الإجماع.

وقيل: إن ذكر الفاسقُ مستندًا صالحًا اعتُد بقوله في الإجماع وإلا فلا (٢) .

والمسألة على كل حالٍ محل اجتهاد ونظر، والظاهر أن الفاسق يدخل في أهل الإجماع لكونه من أهل الاجتهاد وليس هناك دليل يدل على إخراجه عن طائفة المجتهدين، فضلاً عن إخراجه عن لفظ "المؤمنين" ولفظ "الأمة" (٣) .

• الشرط الثالث: يشترط في صحة الإجماع أن يكون قول جميع المجتهدين، ولا يعتد بقول الأكثر؛ فإذا خالف واحد أو اثنان من المجتهدين فإن قول الباقين لا يعتبر إجماعًا (٤) .

والدليل على ذلك أن لفظ "المؤمنين" ولفظ "الأمة" عامان في الجميع (٥) ،


(١) تقدم تخريجه انظر (ص١٦٢) .
(٢) انظر: "مختصر ابن اللحام" (٧٥) ، و"روضة الناظر" (١/٣٥٣ – ٣٥٥) ، و"شرح الكوكب المنير" (٢/٢٢٧ – ٢٢٩) .
(٣) انظر (ص٤٧٤) من هذا الكتاب فيما يتعلق باشتراط العدالة في الاجتهاد.
(٤) ذهب الإمام محمد بن جرير الطبري إمام المفسرين وغيره إلى انعقاد الإجماع بقول الأكثر مع مخالفة الأقل. انظر "الإحكام" للآمدي (١/٢٣٥) .
(٥) انظر: "قواعد الأصول" (٧٤) ، و"مختصر ابن اللحام" (٧٥، ٧٦) ، و"روضة الناظر" (١/٣٥٨) ، و"شرح الكوكب المنير" (٢/٢٢٩) .

<<  <   >  >>