للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا كان لا يجوز إحداث قول ثالث فيما إذا اختلفت الأمة على قولين، فألا يجوز إحداث تأويل ثالث في معنى آية أو حديث فيما إذا اختلفت الأمة في تأويلها أو تأويله على قولين أولى.

إذ تجويز ذلك معناه أن الأمة كانت مجتمعة على الضلال في تفسير القرآن والحديث، وأن الله قد أنزل الآية وأراد بها معنى لم يفهمه الصحابة والتابعون، لأن كلا القولين خطأ والصواب هو القول الثالث الذي لم يقولوه، اللهم إلا إن كان المراد من إحداث تأويل ثالث إيراد معنى تحتمله الآية أو الحديث من غير حكم بأنه المراد، فهذا جائز؛ إذ ليس فيه نسبة الأمة إلى تضييع الحق والغفلة عن الصواب والإجماع على الضلالة والخطأ.

فالمحذور هو أن تكون الأمة قد قالت: إن هذه الآية أو الحديث لا يراد بها أو به إلا هذا المعنى أو هذا المعنى، فيكون القول الثالث تجويزًا لخفاء مراد الله عن كافة الأمة وهذا ممتنع قطعًا (١) .

أما إحداث دليل لم يستدل به السابقون فإن هذا جائز لأن الاطلاع على جميع الأدلة ليس شرطًا في معرفة الحق، إذ يمكن معرفة الحق بدليل واحد وليس في إحداث دليل جديد نسبة الأمة إلى تضييع الحق بخلاف مسألة إحداث قول ثالث (٢) .

(المسألة الثانية: إذا اختلف الصحابة (٣) في مسألة على قولين، لم يجز


(١) انظر: "مجموع الفتاوى" (١٣/٥٩، ٦٠) .
(٢) انظر: "روضة الناظر" (١/٣٧٨، ٣٧٩) .
(٣) انظر: "الفقيه والمتفقه" (١/١٧٣) ، و"روضة الناظر" (١/٣٧٦) ، و"مجموع الفتاوى" (١٣/٢٦) ، و"شرح الكوكب المنير" (٢/٢٧٢) .

<<  <   >  >>