للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأمر الثاني: فساد هذا القياس.

قال ابن تيمية: " ... وليس من شرط القياس الصحيح المعتدل أن يعلم صحته كل أحد.

فمن رأى شيئًا من الشريعة مخالفًا للقياس فإنما هو مخالف للقياس الذي انعقد في نفسه، ليس مخالفًا للقياس الصحيح الثابت في نفس الأمر، وحيث علمنا أن النص جاء بخلاف قياس: علمنا قطعًا أنه قياس فاسد.....فليس في الشريعة ما يخالف قياسًا صحيحًا، لكن فيها ما يخالف القياس الفاسد، وإن كان من الناس من لا يعلم فساده" (١) .

* وأن الخبر يقدم على القياس دائمًا إذا ظهر للمجتهد بينهما تعارض، يوضحه:

* أن القياس المخالف للنص قياس فاسد، لا يجوز المصير إليه ولا الأخذ به، وهذا هو القياس الذي ثبت عن السلف ذمه والمنعُ منه.

أما الأدلة على حجية القياس فمنها:

أولاً: إجماع الصحابة رضي الله عنهم على الحكم بالقياس في وقائع كثيرة تصل بمجموعها إلى حد التواتر (٢) .

فمن ذلك قياس الزكاة على الصلاة في قتال الممتنع منها بجامع كونهما عبادتين من أركان الإسلام (٣) .

ولم يزل التابعون أيضًا ومن بعدهم من علماء الأمة على إجازة القياس وإثبات الأحكام به (٤) .

ثانيًا: حديث معاذ رضي الله عنه (٥) المشهور أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما بعثه إلى


(١) "مجموع الفتاوى" (٢٠/٥٠٥) .
(٢) انظر: "الفقيه والمتفقه" (١/١٩٩) ، و"روضة الناظر" (٢/٢٣٦) ، و"إعلام الموقعين" (١/٢٠٩ - ٢١٧) .
(٣) انظر: "روضة الناظر" (٢/٢٣٨) ، و"أصول الفقه" لابن مفلح (٣/١٣١٦ - ١٣٢٨) ، و"نزهة الخاطر العاطر" (٢/٢٣٨) .
(٤) انظر: "جامع بيان العلم وفضله" (٢/٦٢) .
(٥) هو: الصحابي الجليل أبو عبد الرحمن معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي، شهد العقبة الثانية مع الأنصار، ثم شهد بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، توفي بطاعون عمواس بالشام سنة (١٨هـ) . انظر: "تهذيب الأسماء واللغات" (٢/٩٨) ، و"الإصابة" (٣/٤٠٦) .

<<  <   >  >>