للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن تتبع وقائع الصحابة وفروع المذاهب علم صحة ذلك.

ولكن التحقيق أن العمل بالمصلحة المرسلة أمر يجب فيه التحفظ وغاية الحذر حتى يتحقق صحة المصلحة وعدم معارضتها لمصلحة أرجح منها، أو مفسدة أرجح منها أو مساوية لها، وعدم تأديتها إلى مفسدة في ثاني حال" (١) .

وبذلك يتبين أن الخلاف في الاحتجاج بالمصلحة المرسلة خلاف لفظي؛ لأن الجميع متفق على أن تحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها أصل شرعي ثابت إلا أن الخلاف وقع في تسمية العمل بهذا الأصل والالتفات إلى تحقيقه - فيما لم يرد باعتباره أو إلغائه دليل خاص - مصلحة مرسلة (٢) .

فبعضهم يسمي ذلك مصلحة مرسلة، وبعضهم يسمي ذلك قياسًا (٣) ، أو عمومًا، أو اجتهادًا، أو عملاً بمقاصد الشريعة.

ومما يقرر كون الخلاف لفظيًا أن المثبتين للمصلحة المرسلة إنما يقولون بها وفق الضوابط الآتية:

[المسألة الرابعة: ضوابط الأخذ بالمصلحة المرسلة عند القائلين بها]

الأول: ألا تكون المصلحة مصادمة لنص أو إجماع (٤) .

الثاني: أن تعود على مقاصد الشريعة بالحفظ والصيانة (٥) .


(١) "المصالح المرسلة للشنقيطي" (٢١) . وانظر: "مذكرة الشنقيطي" (١٧٠) .
(٢) انظر: "روضة الناظر" (١/٤١٥) ، و"مجموع الفتاوى" (١١/٣٤٣) ، و"قواعد الأصول" (٧٨) ، و"مختصر ابن اللحام" (١٦٣) ، و"شرح الكوكب المنير" (٤/٤٣٣) ، و"المدخل إلى مذهب الإمام أحمد" (١٣٨) ، و"المصالح المرسلة" للشنقيطي (١٠) .
(٣) الفرق بين القياس والمصلحة المرسلة أن القياس يرجع إلى أصل معين بخلاف المصلحة فإنها لا ترجع إلى أصل معين، بل إلى أصل كلي. انظر: "شرح الكوكب المنير" (٤/١٧٠) .
(٤) انظر: "المصالح المرسلة" للشنقيطي (٢١) .
(٥) انظر: "مجموع الفتاوى" (١١/٣٤٣) .

<<  <   >  >>