للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أ- أن رفع الإباحة الشرعية يسمى نسخًا؛ لأنها حكم شرعي، أما رفع الإباحة العقلية فلا يعد نسخًا؛ لأنها ليست حكمًا شرعيًا بل هي حكم عقلي.

ب- أن العقد والشرط يرفع موجب الاستصحاب ولا يكون ذلك من تغيير ما شرع الله، لكنهما لا يرفعان ما أوجبه كلامُ الشارع من الإباحة والحل.

[المسألة الرابعة: هل المباح مأمور به؟]

ذهب الجمهور إلى أن المباح غير مأمور به، وخالفهم في ذلك الكعبي (١) ، وقال: إنه مأمور به.

قال ابن بدران: "والخلاف في هذه المسألة لفظي؛ أي: يرجع إلى التسمية فقط" (٢) . ويتضح كون الخلاف لفظيًا إذا لاحظنا الأمور الآتية:

أولاً: ما مضى بيانه من التفريق بين المباح المجرد، والمباح الذي صار وسيلة إلى تحصيل الواجب، فوسيلة الواجب واجبة؛ وإن كانت مباحة في الأصل، فمراد الكعبي: المباح المتوسل به، ومراد الجمهور: المباح المجرد (٣) .

ثانيًا: الالتفات إلى القصد، فمن فعل المباح يصير واجبًا بهذا الاعتبار، وإن تعين طريقًا صار واجبًا معينًا، وإلا كان واجبًا مخيرًا، لكن مع هذا القصد ... " (٤) .


(١) هو: عبد الله بن أحمد بن محمود الكعبي البلخي، أبو القسم، كان رأس طائفة من المعتزلة، يقال لهم: الكعبية، وكان من كبار المتكلمين وله مقالات، منها: أن الله ليست له إرادة، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا، توفي سنة (٣١٩هـ) . انظر: "المنية والأمل" (٧٤) ، و"شذرات الذهب" (٢/٢٨١) .
(٢) "نزهة الخاطر العاطر" (١/١٢١) .
(٣) انظر (ص ٢٩٩) من هذا الكتاب.
(٤) "مجموع الفتاوى" (١٠/٥٣٤) .

<<  <   >  >>