للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ب- أن قبل الشرع لا تحليل ولا تحريم ولا شرع، فالواجب التوقف (١) .

قال ابن قدامة: "وهذا القول [أي التوقف] هو اللائق بالمذهب، إذ العقل لا مدخل له في الحظر والإباحة على ما سنذكره إن شاء الله تعالى (٢) ، وإنما تثبت الأحكام بالسمع" (٣) .

جـ- أنه لا يصح إعطاء ما بعد الشرع حكم ما قبل الشرع.

قال ابن تيمية: "ولست أنكر أن بعض من لم يحط علمًا بمدارك الأحكام، ولم يؤت تمييزًا في مظان الاشتباه ربما سحب ذيل ما قبل الشرع على ما بعده، إلا أن هذا غلط قبيح لو نبه له لتنبه، مثل الغلط في الحساب، لا يهتك حريم الإجماع ولا يثلم سنن الاتباع" (٤) .

وبذلك تبين أنه لا فائدة من عقد هذه المسألة: ما حكم الأشياء قبل ورود الشرع؟ إذ إن مجيء الشرع كافٍ في معرفة حكم هذه الأشياء.

د- اختلف في وقوع هذه المسألة هل هو جائز أم ممتنع؟

الصحيح: أنه ممتنع، لأن الأرض لم تخل من نبي مرسل: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ} [فاطر: ٢٤] .

أو يكون المراد بهذه المسألة: حكم الأشياء بعد ورود الشرع لكنه - أي الشرع - خلا عن حكمها، ومعلوم أن هذا لا يصح أبدًا (٥) .

أو يكون المراد بعد ورود الشرع ولم يخل عن حكمها، لكن جُهل هذا الحكم، كمن نشأ في برية، أو وُلد في جزيرة، ولم يَعرف شرعًا وعنده فواكه وأطعمة (٦) .


(١) انظر: "الفقيه والمتفقه" (١/٢١٧) ، و"روضة الناظر" (١/١١٩) ، و"مجموع الفتاوى" (٢١/٥٣٩، ٥٤٠) .
(٢) انظر ذلك في (١/٣٨٩) من "روضة الناظر"
(٣) "روضة الناظر" (١/١١٩) .
(٤) "مجموع الفتاوى" (٢١/٥٣٩) . وانظر: "درء تعارض العقل والنقل" (٩/٦٢) .
(٥) انظر (ص١٣٣) من هذا الكتاب فيما يتعلق بتمام بيان الشرع وكماله.
(٦) انظر: "مجموع الفتاوى" (٢١/٥٣٩) ، و"شرح الكوكب المنير" (١/٣٢٣ - ٣٢٥) .

<<  <   >  >>