للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن افترقا في علة الإثم» (١) .

وقد ذكر ابن القيم أمثلة عديدة على هذه القاعدة وبين أوجه الجمع فيها (٢) .

١٤- الأحكام الشرعية نوعان: ثابتة لا تتغير، ولا يجوز الاجتهاد فيها، ومتغيرة خاضعة لاجتهاد المجتهدين حسب المصلحة وهي تختلف من شخص لآخر ومن مكان لآخر.

قال ابن القيم: «الأحكام نوعان، نوع لا يتغير عن حالة واحدة، وهو عليها، لا بحسب الأزمنة ولا الأمكنة، ولا اجتهاد الأئمة.

كوجوب الواجبات، وتحريم المحرمات، والحدود المقدرة بالشرع على الجرائم، ونحو ذلك. فهذا لا يتطرق إليه تغيير ولا اجتهاد يخالف ما وضع عليه.

والنوع الثاني: ما يتغير بحسب اقتضاء المصلحة له: زمانًا ومكانًا وحالاً؛ كمقادير التعزيرات وأجناسها وصفاتها، فإن الشارع ينوع فيها بحسب المصلحة» (٣) .

١٥- إذا علم هذا فإن من الأحكام الشرعية ما يختلف باختلاف الزمان والمكان والأحوال.

ذلك أن الحكم الشرعي يدور مع علته وجودًا وعدمًا، وهذا أيضًا دليل على أن هذه الشريعة إنما جاءت لتحقيق مصالح الناس ودرء المفاسد عنهم.

وكون الحكم الشرعي يختلف من واقعة إلى واقعة إذا تغير الزمان، أو المكان، أو الحال، ليس معناه أن الأحكام الشرعية مضطربة ويحصل فيها التذبذب والتباين، بل إن الحكم الشرعي لازم لعلته وسببه وجارٍ معه، لكن حيث اختلف الزمان أو المكان اختلفت الحقيقة والعلة والسبب، فالواقعة غير الواقعة، والحكم كذلك غير الحكم.

أما أن يختلف الحكم الشرعي في واقعتين متماثلتين في الحقيقة مشتركتين في


(١) "إعلام الموقعين" (٢/١٧١) .
(٢) انظر: "إعلام الموقعين" (٢/١٧١ - ١٧٥) .
(٣) "إغاثة اللهفان" (١/٣٣٠، ٣٣١) . وانظر: "إعلام الموقعين" (٤/٢٦٢، ٢٦٣) .

<<  <   >  >>