للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما المعنيان الأولان عند السلف فعلى النحو الآتي (١) :

المعنى الأول: الحقيقة التي يؤول إليها الأمر، كقول كثير من السلف في بعض الآيات: «هذه ذهب تأويلها، وهذه لم يأت تأويلها» .

والمعنى الثاني: التفسير والبيان، كقول بعض المفسرين: «القول في تأويل قول الله تعالى» .

وأما معنى التأويل عند المتأخرين - وهو المعنى الثالث - وهو المشهور عند الأصوليين، فهو: صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح بدليل يدل على ذلك (٢) .

(البحث الثاني: أنواع التأويل.

لا يخلو التأويل من ثلاث حالات (٣) :

الأولى: أن يكون صرف اللفظ عن ظاهره بدليل صحيح في نفس الأمر يدل على ذلك، كتأويل {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: ٦] ؛ أي: إذا أردتم القيام، وهذا ما يسمى بالتأويل الصحيح والقريب.

والثانية: أن يكون صرف اللفظ عن ظاهره لأمر يظنه الصارف دليلاً، وليس بدليل في نفس الأمر، وهذا ما يسمى بالتأويل الفاسد أو البعيد، كتأويل حديث: «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل» (٤) بأن المراد بالمرأة: الصغيرة.

والثالثة: أن يكون صرف اللفظ عن ظاهره لا لدليل أصلاً، وهذا يسمى لعبًا، كقول بعض الشيعة في قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة: ٦٧] ؛ قالوا: هي عائشة رضي الله عنها (٥) .


(١) انظر: "مجموع الفتاوى" (١/١٧٧، ١٧٨، ١٣/٢٨٨ - ٢٩٣، ١٧، ٣٦٧ - ٣٨١) .
(٢) انظر: "روضة الناظر" (٢/٣٠، ٣١) ، و"مجموع الفتاوى" (١٧/٤٠١) ، و"مختصر ابن اللحام" (١٣١) ، و"مذكرة الشنقيطي" (١٧٦) .
(٣) انظر: "أضواء البيان" (١/٣٢٩، ٣٣٠) ، و"مذكرة الشنقيطي" (١٧٧) .
(٤) أخرجه أبو داود (٢/٢٢٩) برقم (٢٠٨٣) ، والترمذي (٣/٤٠٨) برقم (١١٠٢) واللفظ له، وصححه الألباني. انظر: "صحيح الجامع" (١/٥٢٦) برقم (٢٧٠٩) .
(٥) هي: عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها وعن أبيها، أم المؤمنين، عرفت بالعلم والفقه ورواية الحديث، توفيت سنة (٥٨هـ) . انظر: "الاستيعاب" (٤/٣٤٥) ، و"الإصابة" (٤/٣٤٨) .

<<  <   >  >>