للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن الأمثلة على مشروعية تأخير البيان لأجل الحاجة:

١- أن المبلغ لا يمكنه أن يخاطب الناس جميعًا ابتداء، فعليه أن يبلغ من يستطيع تبليغه.

٢- أن المبلغ لا يمكنه مخاطبة الناس بجميع الواجبات جملة، بل يبلغ بحسب الطاقة والإمكان على سبيل التدريج، فيبدأ بالأهم ويؤخر غيره.

وكذلك إذا ضاق عليه الوقت.

وهذا التأخير في البيان لبعض الواجبات لا ينفي قيام الحاجة التي هي سبب وجوب البيان، بل الحاجة قائمة إلا أن حصول الوجوب والعقاب على الترك ممتنع لوجود المزاحم الموجب للعجز.

وهذا كالدين على المعسر، أو كالجمعة على المعذور.

٣- أن يكون في الإمهال وتأخير البيان من المصلحة ما ليس في المبادرة؛ إذ البيان إنما يجب على الوجه الذي يحصل به المقصود.

فيكون تأخير البيان هو البيان المأمور به، ويكون هو الواجب أو المستحب، مثل: تأخير النبي - صلى الله عليه وسلم - البيان للأعرابي المسيء صلاته إلى المرة الثالثة (١) .

وإنما يجب التعجيل إذا خيف الفوت بأن يترك الواجب المؤقت حتى يخرج عن وقته ونحو ذلك.

(فائدة (٢) :

أ- كل ما وجب بيانه فالتعريض فيه حرام؛ لأنه كتمان وتدليس، ويدخل في هذا: الإقرار بالحق، والشهادة، والفتيا، والحديث، والقضاء.

ب- وكل ما حرم بيانه فالتعريض فيه جائز بل واجب إذا أمكن ووجب الخطاب.

جـ- وإن جاز بيانه وكتمانه: فحيث كانت المصلحة في كتمانه فالتعريض فيه مستحب، وحيث كانت المصلحة في إظهاره وبيانه فالتعريض مكروه والإظهار مستحب.

وإن تساوت المصلحة في كتمانه وإظهاره جاز التعريض والتصريح.


(١) تقدم تخريجه انظر (ص ٣٣٩) تعليق رقم (٦) من هذا الكتاب.
(٢) انظر: "الفتاوى الكبرى" (٦/١٢٢) ، و"إعلام الموقعين" (٣/٢٣٥) .

<<  <   >  >>