للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: من السنة قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لولا أن أشق على أمتي - أو على الناس - لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة» (١) ، ومعلوم أنه - صلى الله عليه وسلم - ندب أمته إلى السواك، والندب غير شاق، فدل على أن الأمر يقتضي الوجوب فإنه لو أمر لوجب وشق.

ثالثًا: إجماع الصحابة رضي الله عنهم على امتثال أوامر الله تعالى ووجوب طاعته من غير سؤال النبي - صلى الله عليه وسلم - عما عنى بأوامره.

رابعًا: أن أهل اللغة عقلوا من إطلاق الأمر الوجوب؛ لأن السيد لو أمر عبده فخالفه حَسُنَ عندهم لومه وحَسُنَ العذرُ في عقوبته بأنه خالف الأمر، والواجب ما يعاقب على تركه.

وصيغة الأمر ترد لمعان كثيرة، منها (٢) :

المعنى الأول: الوجوب، وهو الأصل فيها، إذ الوجوب حقيقة في الأمر، وما سواه مجاز يحتاج إلى قرينة.

المعنى الثاني: الندب كقوله تعالى: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: ٣٣] .

المعنى الثالث: الإباحة، كقوله تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: ٢] .

المعنى الرابع: التهديد، كقوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: ٤٠] .

وغير ذلك من المعاني.

[المسألة الرابعة: دلالة الأمر على الفور]

اختلف العلماء في الأمر المجرد عن القرائن، هل يدل على الفور وسرعة المبادرة والامتثال، أو على التراخي؟

وكونه دالاً على الفور اختيار ابن قدامة وابن القيم وابن النجار الفتوحي


(١) رواه البخاري (٢/٣٧٤) برقم (٨٨٧) واللفظ له، ومسلم (٣/١٤٢) .
(٢) انظر: "روضة الناظر" (٢/٦٥، ٦٦) ، و"مختصر ابن اللحام" (٩٨، ٩٩) ، و"شرح الكوكب المنير" (٣/١٧ - ٣٨) ، و"مذكرة الشنقيطي" (١٨٩، ١٩٠) .

<<  <   >  >>