للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأن كلام الله هو الذي نقرأه بألفاظه ومعانيه، قال تعالى: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ} [التوبة: ٦] ، فصرح سبحانه بأن ما يسمع ذلك المشرك المستجير -بألفاظه ومعانيه- هو كلامه تعالى.

هذا هو الحق الذي ذهب إليه سلف الأمة في هذه المسألة (١) .

وذهب كثير من المتكلمين إلى أن الأمر نوعان:

أمر لفظي وهو ما سبق ذكره، وأمر نفسي وهو الكلام القائم بالنفس المجرد عن الألفاظ والحروف.

فإثبات هؤلاء الأمر النفسي مبني على إثباتهم للكلام النفسي الباطل، وهذا مخالف للكتاب والسنة واللغة والعرف، كما سبق بيانه (٢) .

٢- الأمر بالأمر بالشيء ليس أمرًا به.

وذلك كقوله - صلى الله عليه وسلم -: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين» (٣) . فهذا ليس خطابًا من الشارع للصبي ولا إيجابًا عليه، مع أن الأمر واجب على الولي.

وقد يدل دليل على أن الأمر بالأمر بالشيء أمر به فيكون ذلك أمرًا به بلا خلاف. وذلك كقوله - صلى الله عليه وسلم -: «مره فليراجعها» (٤) . فإن لام الأمر في قوله: «فليراجعها» ، صدرت منه - صلى الله عليه وسلم - متوجهة إلى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فيكون مأمورًا بلا خلاف (٥) .

٣- فعل الأمر هل يقتضي الإثابة والإجزاء؟


(١) انظر في ذلك: "رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت". للإمام أبي نصر السجزي، وهي من مطبوعات المجلس العلمي بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
(٢) انظر (ص٣٩٧، ٣٩٨) من هذا الكتاب.
(٣) رواه أبو داود (١/١٣٣) برقم (٤٩٥) ، وحسنه الألباني. انظر: "صحيح الجامع" (٢/١٠٢٢) برقم (٥٨٦٨) .
(٤) قال ذلك - صلى الله عليه وسلم - لعمر بن الخطاب رضي الله عنه في شأن طلاق ابنه عبد الله رضي الله عنهما امرأته في الحيض. الحديث أخرجه البخاري (٩/٣٤٥) برقم (٥٢٥١) ، ومسلم (١٠/٦١) .
(٥) انظر: "روضة الناظر" (٢/٩٦) ، و"القواعد والفوائد الأصولية" (١٩٠) ، و"مذكرة الشنقيطي" (١٩٨) .

<<  <   >  >>