للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الثانية: أن جنس فعل المأمور به أعظم من جنس ترك المنهي عنه.

وأن جنس ترك المأمور به أعظم من جنس فعل المنهي عنه.

وأن المثوبة على أداء الواجبات أعظم من المثوبة على ترك المحرمات.

وأن العقوبة على ترك الواجبات أعظم من العقوبة على فعل المحرمات (١) .

ومما يدل على ذلك (٢) :

أ- أن أول ذنب عُصي الله به كان من أبي الجن وأبي الإنس، أبوي الثقلين، وكان ذنب أبي الجن أكبر وأسبق، وهو ترك المأمور به - وهو السجود - إباءً واستكبارًا، وذنب أبي الإنس كان ذنبًا أصغر، وهو فعل المنهي عنه - وهو الأكل من الشجرة - ثم إنه تاب منه.

ب- أن ذنب ارتكاب النهي مصدره في الغالب الشهوة والحاجة، وذنب ترك الأمر مصدره في الغالب الكبر والعزة، ولا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر، ويدخلها من مات على التوحيد وإن زنى وسرق.

جـ- أن المقصود من إرسال الرسل طاعة المُرسل، ولا تحصل إلا بامتثال أوامره، ومن تمام امتثال الأوامر ولوازمها اجتناب النواهي.

ولهذا لو اجتنب المناهي ولم يفعل ما أمر به لم يكن مطيعًا وكان عاصيًا، بخلاف ما لو أتى بالمأمورات وارتكب المناهي فإنه وإن عد عاصيًا مذنبًا فإنه مطيع بامتثال الأمر، عاصٍ بارتكاب النهي، بخلاف تارك الأمر فإنه لا يعد مطيعًا باجتناب المنهيات خاصة.

د- أن من فعل المأمورات والمنهيات فهو إما ناجٍ مطلقًا إن غلبت حسناته سيئاته، وإما ناج بعد أن يؤخذ منه الحق ويعاقب على سيئاته، فمآله إلى النجاة وذلك بفعل المأمور.


(١) انظر: "مجموع الفتاوى" (٢٠/٨٥ - ١٥٨) ، و"الفوائد" لابن القيم (١٥٧ - ١٦٩) ، و"عدة الصابرين" (٢٧ - ٣٣) .
(٢) انظر المصادر السابقة.

<<  <   >  >>