للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاسد ليس بصالح (١) .

قال ابن تيمية: «ولا يوجد قط في شيء من صور النهي صورة ثبتتْ فيها الصحة بنص ولا إجماع ... » (٢) .

ويمكن تفصيل قاعدة «النهي يقتضي الفساد» ببيان أقسام المنهي عنه، وذلك على النحو الآتي:

ينقسم المنهي عنه أولاً إلى ما نُهي عنه لأجل حق الله، وإلى ما نُهي عنه لأجل حق الآدمي (٣) .

فالأول: كنكاح المحرمات، وبيع الربا. والثاني: كتحريم الخطبة على الخطبة، وبيع النجش، والكل فاسد، إلا أن القسم الثاني موقوف على إذن المظلوم؛ لأن النهي هنا لحق الآدمي، فلم يجعله الشارع صحيحًا لازمًا كالحلال، بل أثبت حق المظلوم وسلطه على الخيار، فإن شاء أمضى وإن شاء فسخ (٤) .

وينقسم ثانيًا إلى عبادات ومعاملات، والكل يقتضي الفساد، إلا ما كان من المعاملات من قبيل حق الآدمي فهذا موقوف على إجازة صاحب الحق كما تقدم.

وينقسم ثالثًا إلى ما نُهي عنه لذاته، لكونه يشتمل على مفسدة، بمعنى أنه محرم على أي صورة وقع، ولا يمكن أن يكون حلالاً، وذلك كتحريم الخمر والربا.

وإلى ما نُهي عنه لسد الذريعة، فهو إن جرد عن الذريعة لم يكن فيه مفسدة.

بمعنى أنه محرم على صورة معينة وصفة خاصة، لكن أصل الفعل


(١) انظر: "مجموع الفتاوى" (٢٥/٢٨٢، ٢٩/٢٨٢، ٢٨٣) .
(٢) "مجموع الفتاوى" (٢٩/٢٨٣) .
(٣) ضابط حق الله ما ليس للعبد إسقاطه كالإيمان وتحريم الكفر، وضابط حق العبد ما لو أسقطه لسقط كالديون والأثمان. انظر: "الفروق" (١/١٤٠، ١٤١) .
(٤) انظر: "مجموع الفتاوى" (٢٩/٢٨٣ – ٢٨٥) ، و"جامع العلوم والحكم" (١/١٨١) وما بعدها.

<<  <   >  >>