للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اشتراطه - صلى الله عليه وسلم - قطع أسفل الخفين للمحرم الذي لم يجد نعلين (١) ، فهذا مقيد، وكان ذلك في المدينة، والمطلق أنه لم يشترط - صلى الله عليه وسلم - القطع بل أطلق لبس الخفين، وكان هذا في عرفات (٢) ، فلا يحمل هنا المطلق على المقيد.

قال ابن القيم: «لأن الحاضرين معه بعرفات من أهل اليمن ومكة والبوادي لم يشهدوا خطبته بالمدينة فلو كان القطع شرطًا لبينه لهم لعدم علمهم به، ولا يمكن اكتفاؤهم بما تقدم من خطبته بالمدينة.

ومن هنا قال أحمد ومن تابعه: إن القطع منسوخ بإطلاقه بعرفات للبس، ولم يأمر بقطعٍ في أعظم أوقات الحاجة» (٣) .

خامسًا: أحوال المطلق والمقيد بالنسبة للحمل وعدمه:

إذا خلا المطلق والمقيد عن القرائن الموجبة للحمل أو عدمه فلا يخلو الحال من أربعة أقسام (٤) :

(القسم الأول: أن يتفق الحكم والسبب، وذلك مثل: إطلاق الدم في


(١) ورد ذلك في حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في المحرم: «لا يلبس القمص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف إلا أحد لا يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما أسفل من الكعبين» . رواه البخاري (٣/٤٠١) برقم (١٥٤٢) واللفظ له، ومسلم (٨/٧٢) .
(٢) ورد ذلك في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب بعرفات يقول: «السراويل لمن لم يجد الإزار، والخفين لمن لم يجد النعلين» . رواه البخاري (١٠/٢٧٢) برقم (٥٨٠٤) ، ومسلم (٨/٧٤، ٧٥) واللفظ له.
(٣) "بدائع الفوائد" (٣/٢٥٠) ، وللإمام أحمد رواية أخرى: أنه يقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين، وهذا مذهب الجمهور.
قال ابن قدامة: «والأولى قطعهما، عملاً بالحديث الصحيح، وخروجًا من الخلاف، وأخذًا بالاحتياط» . "المغني" (٥/١٢٢) .
(٤) انظر: "روضة الناظر" (٢/١٩٢) وما بعدها، و"مجموع الفتاوى" (١٥/٤٤٣) ، و"قواعد الأصول" (٦٣، ٦٤) ، و"مختصر ابن اللحام" (١٢٥) ، و"القواعد والفوائد الأصولية" (٢٨٠) وما بعدها، و"شرح الكوكب المنير" (/٣٩٥) وما بعدها، و"أضواء البيان" (٦/٥٤٥) وما بعدها، و"دفع إيهام الاضطراب" (٨٤ - ٨٧) ، و"مذكرة الشنقيطي" (٢٣٢، ٢٣٣) .

<<  <   >  >>