للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حوادث لم تقع قبلهم فيجتهدون فيها، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإن اجتهد فأخطأ فله أجر» (١) . وهذا يعم ما اجتهد فيه مما لم يعرف فيه قول من قبله، وما عرف فيه أقوالاً واجتهد في الصواب منها.

وعلى هذا درج السلف والخلف، والحاجة داعية إلى ذلك لكثرة الوقائع واختلاف الحوادث» (٢) .

خامسًا: ينقسم الاجتهاد أيضًا بالنظر إلى المسائل المجتهد فيها من جهة وقوعها أو عدم وقوعها إلى قسمين: مسائل واقعة نازلة، ومسائل لم تقع.

وقد تقدم آنفًا الكلام على القسم الأول، أما القسم الثاني وهو الاجتهاد في مسائل لم تقع فهذا فيه تفصيل لأهل العلم سيأتي بيانه إن شاء الله في شروط الاجتهاد (٣) .

سادسًا: ينقسم الاجتهاد بالنظر إلى بذل الوسع فيه إلى قسمين: اجتهاد تام، واجتهاد ناقص، فالاجتهاد التام ما كان بذل الوسع فيه إلى درجة يحس فيها المجتهد من نفسه العجز عن المزيد، والاجتهاد الناقص ما لم يكن كذلك، فيدخل فيه النظر المطلق في الأدلة لمعرفة الحكم (٤) .

ومعلوم أن المطلوب من المجتهد بذل غاية وسعه وطاقته كما سيأتي نقل ذلك عن الشافعي عند الكلام على شروط الاجتهاد (٥) .

سابعًا: ينقسم الاجتهاد إلى صحيح وفاسد.

فالاجتهاد الصحيح هو الذي صدر من مجتهد توفرت فيه شروط الاجتهاد وكان هذا الاجتهاد في مسألة يسوغ فيها الاجتهاد.


(١) رواه البخاري (١٣/٣١٨) برقم (٧٣٥٢) ، ومسلم (١٢/١٣) بلفظ آخر.
(٢) "إعلام الموقعين" (٤/٢٦٥، ٢٦٦) ، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في هذا الموضع أن الحق في هذه المسألة هو التفصيل، وهو: أن ذلك يجوز بل يستحب ويجب عند الحاجة وأهلية المفتي والحاكم، وإن عدم الأمران لم يجز، وإن وجد أحدهما دون الآخر جاز للحاجة دون عدمها.
(٣) انظر (ص٤٧٦) من هذا الكتاب.
(٤) انظر: "روضة الناظر" (٢/٤٠١) ، و"نزهة الخاطر العاطر" (٢/٤٠١، ٤٠٢) .
(٥) انظر (ص ٤٧٣) من هذا الكتاب.

<<  <   >  >>