للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولاً: أن تكون هذه المسألة غير منصوص (١) أو مجمع عليها.

والدليل على هذا الشرط حديث معاذ - رضي الله عنه - المشهور (٢) ، إذ جعل الاجتهاد مرتبة متأخرة إذا لم يوجد كتاب ولا سنة.

وقد كان منهج الصحابة رضي الله عنهم النظر في الكتاب ثم السنة ثم الإجماع ثم الاجتهاد (٣) .

ومعلوم أن الاجتهاد يكون ساقطًا مع وجود النص.

قال ابن عبد البر: «باب اجتهاد الرأي على الأصول عند عدم النصوص في حين نزول النازلة» (٤) .

وقال الخطيب البغدادي أيضًا: «باب في سقوط الاجتهاد مع وجود النص» (٥) .

وقال ابن القيم: «فصل في تحريم الإفتاء والحكم في دين الله بما يخالف النصوص، وسقوط الاجتهاد والتقليد عند ظهور النص، وذكر إجماع العلماء على ذلك» (٦) .

ثانيًا: أن يكون النص الوارد في هذه المسألة –إن ورد فيها نص– محتملاً، قابلاً للتأويل، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة» (٧) . فقد فهم بعض الصحابة من هذا النص ظاهره من الأمر بصلاة العصر في بني قريظة ولو بعد وقتها، وفهم البعض من النص الحث على المسارعة في السير مع تأدية الصلاة في وقتها ولم ينكر - صلى الله عليه وسلم - على الفريقين ما فهم،


(١) المراد بذلك ألا يوجد في المسألة نص أصلاً – وهذا ما ذكر في الشرط الأول – وإن وجد نص فيشترط أن يكون هذا النص محتملاً غير قاطع – وهذا ما ذكر في الشرط الثاني – ويمكن بيان المراد من هذين الشرطين وجمعهما في شرط واحد بأن يقال: يشترط ألا يوجد في المسألة نص قاطع ولا إجماع. انظر: "مذكرة الشنقيطي" (٣١٤، ٣١٥) .
(٢) انظر (ص١٩٠) من هذا الكتاب.
(٣) انظر: "إعلام الموقعين" (١/٨٥، ٦١، ٦٢، ٨٤) وانظر (٢٧٩) من هذا الكتاب.
(٤) "جامع بيان العلم وفضله" (٢/٥٥) .
(٥) "الفقيه والمتفقه" (١/٢٠٦) .
(٦) "إعلام الموقعين" (٢/٢٧٩) .
(٧) رواه البخاري (٧/٤٠٧) برقم (٤١١٩) .

<<  <   >  >>