للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة الثانية: حكم التقليد]

التقليد جملة جائز للعامة الذين لا قدرة لهم على النظر في الأدلة واستنباط الأحكام منها.

قال ابن عبد البر: «ولم تختلف العلماء أن العامة عليها تقليد علمائها، وأنهم المرادون بقول الله عز وجل: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣، الأنبياء: ٧] ، وأجمعوا على أن الأعمى لا بد له من تقليد غيره ممن يثق بميزه بالقبلة إذا أشكلت عليه، فكذلك من لا علم له ولا بصر بمعنى ما يدين به لا بد له من تقليد عالمه» (١) .

وقال ابن تيمية: «والذي عليه جماهير الأمة أن الاجتهاد جائز في الجملة، والتقليد جائز في الجملة، ولا يوجبون الاجتهاد على كل أحد ويحرمون التقليد، ولا يوجبون التقليد على كل أحد ويحرمون الاجتهاد» (٢) .

أما حكم التقليد على وجه التفصيل فمنه ما هو جائز، ومنه ما ليس بجائز (٣) .

أما التقليد الجائز فهو ما تحققت فيه الشروط الآتية:

١- أن يكون المقلد جاهلاً، عاجزًا عن معرفة حكم الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، أما القادر على الاجتهاد فالصحيح أن يجوز له التقليد حيث عجز عن الاجتهاد إما لتكافؤ الأدلة، وإما لضيق الوقت عن الاجتهاد، وإما لعدم ظهور دليل له، فإنه حيث عجز سقط عنه وجوب الاجتهاد وانتقل إلى بدله وهو التقليد (٤) .

٢- أن يقلد من عرف بالعلم والاجتهاد من أهل الدين والصلاح (٥) .


(١) "جامع بيان العلم وفضله" (٢/١١٥) .
(٢) "مجموع الفتاوى" (٢٠/٢٠٣، ٢٠٤) .
(٣) انظر المصدر السابق (٢٠/١٨، ٢٠٤) ، و"أضواء البيان" (٧/٤٨٧) .
(٤) انظر: "الفقيه والمتفقه" (٢/٦٨، ٦٩) ، و"مجموع الفتاوى" (٢٠/٢٢٥) .
(٥) انظر: "جامع بيان العلم وفضله" (٢/١١٥) ، و"مجموع الفتاوى" (٢٠/٢٢٥) .

<<  <   >  >>