للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحقيقة القول الفصل في الأئمة رحمهم الله أنهم من خيار علماء المسلمين، وأنهم ليسوا معصومين من الخطأ، فكل ما أصابوا فيه فلهم فيه أجر الاجتهاد وأجر الإصابة، وما أخطئوا فيه فهم مأجورون فيه باجتهادهم، معذورون في خطئهم، فهم مأجورون على كل حال، لا يلحقهم ذم ولا عيب ولا نقص في ذلك.

ولكن كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - حاكمان عليهم وعلى أقوالهم كما لا يخفي:

فلا تغل في شيء من الأمر واقتصد ... كلا طرفي قصد الأمور ذميم

فلا تك ممن يذمهم وينتقصهم، ولا ممن يعتقد أقوالهم مغنية عن كتاب الله وسنة رسوله أو مقدمة عليهما» (١) .

والمقصود أنه لا بد من الجمع بين أمرين عظيمين، أحدهما أعظم من الآخر (٢) :

(الأمر الأول: هو النصيحة لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - ولكتابه ولدينه، وتنزيه هذا الدين عن الأقوال الباطلة.

(والأمر الثاني: هو معرفة فضل أئمة الإسلام ومقاديرهم، وحقوقهم، ومراتبهم.

فالنصيحة لدين الله توجب رد بعض أقوالهم، وترك جملة من اجتهاداهم، وليس في ذلك تنقص لهم ولا إهدار لمكانتهم.

وكذلك فإن معرفة فضل الأئمة لا يوجب قبول كل ما قالوه.

فهذان طرفان جائران عن القصد، وقصد السبيل بينهما:

الطرف الأول: القول بعصمة الأئمة وأنهم لا يخطئون، وقبول جميع أقوالهم، ولو خالفت الحق.

الطرف الثاني: تأثيم الأئمة والوقيعة بهم، وإهدار جميع أقوالهم ولو وافقت الحق.


(١) "أضواء البيان" (٧/٥٥٥، ٥٥٦) .
(٢) انظر: "الفتاوى الكبرى" (٦/٩٢ – ٩٤) ، و"إعلام الموقعين" (٣/٢٨٢، ٢٨٣) .

<<  <   >  >>