للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا الجواز أيضاً لا بد فيه من ضوابط، بيانها على النحو الآتي:

(الأمر الثالث: ضوابط جواز الالتزام بمذهب معين.

إذا جاز الالتزام بمذهب معين فلا بد أن يراعى في ذلك ما مضى من شروط جواز التقليد (١) ، إضافة إلى الآتي:

(الضابط الأول: ألا يكون هذا الالتزام سبيلاً لاتخاذ هذا المذهب دعوة يُدعى إليها، ويوالي ويعادي عليها، مما يؤدي إلى الخروج عن جماعة المسلمين وتفريق وحدة صفهم.

فإن أهل البدع هم الذين ينصبون لهم شخصًا أو كلامًا يدعون إليه ويوالون به ويعادون عليه.

أما أهل السنة فإنهم لا يدعون إلا إلى اتباع كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وما اتفقت عليه الأمة، فهذه أصول معصومة، دون ما سواها.

والمقصود أن أهل الإيمان لا يخرجهم تنازعهم في بعض مسائل الأحكام عن حقيقة الإيمان، كما علم ذلك من تنازع الصحابة رضي الله عنهم في كثير من مسائل الأحكام (٢) .

(الضابط الثاني: ألا يعتقد أنه يجب على جميع الناس اتباعُ واحدٍ بعينه من الأئمة دون الإمام الآخر، وأن قوله هو الصواب الذي ينبغي اتباعه دون قول من خالفه، فمن اعتقد هذا كان جاهلاً ضالاً.

بل غاية ما يقال: إنه يسوغ أو ينبغي أو يجب على العام أن يقلد واحدًا لا بعينه، من غير تعيين زيد ولا عمرو (٣) .

(الضابط الثالث: أن يعتقد أن هذا الإمام الذي التزم مذهبه ليس له من الطاعة إلا لأنه مبلغ عن الله دينه وشرعه، وإنما تجب الطاعة المطلقة العامة لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - فلا يجوز أن يأخذ بقولٍ أو يعتقده؛ لكونه قول إمامه، بل لأجل


(١) انظر (ص٤٩١) من هذا الكتاب.
(٢) انظر: "مجموع الفتاوى" (٢٠/١٦٣، ١٦٤، ١١/٥١٤، ٢٢/٢٥١ -٢٥٣) ، و"إعلام الموقعين" (١/٤٩) .
(٣) انظر: "مجموع الفتاوى" (٢٢٢/٢٤٨، ٢٤٩) ، و"إعلام الموقعين" (٤/٢٦٢) .

<<  <   >  >>