للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- كون "المستصفى" من آخر كتب الغزالي الأصولية، إذ ألفه بعد كتابيه: "تهذيب الأصول"، و"المنخول"، وجمع فيه بينهما (١) .

٤- أن الغزالي أحسن ترتيب "المستصفى" وأجاد، بحيث يفيد قارئه الإمساك بأطراف هذا الفن وجمع مقاصده (٢) .

لذلك لقي كتاب "المستصفى" الاهتمام والقبول والانتشار الواسع (٣) ، بل إن كتاب "المستصفى" يعتبر مرحلة مهمة في تاريخ علم الأصول، إذ به اكتمل بناء هذا العلم واستوى على سوقه بالنسبة للمتكلمين.

فما قبل كتاب "المستصفى" من مؤلفات، اجتمعت في "المستصفى" بأحسن عبارة وألطف ترتيب، وما بعده من مؤلفات إنما هي اختصار للمستصفى واقتباس، فالمستصفى عمدة كتب الأصول عند المتكلمين، وركنها الوثيق، وسندها المتين. وقد أحسن ابن قدامة الاختيار حينما جعل كتاب "المستصفى" أصلاً لكتابه.

ومما يزيد هذا الاختيار حسنًا أن ابن قدامة لم يقلد الغزالي في آرائه وفي سائر منهجه، بل ظهرت لابن قدامة في "الروضة" لمساته، وبرزت فيه شخصيته المستقلة.

ولعل توضيح ذلك يكون بعقد موازنة مختصرة بين الكتابين:

ب- موازنة بين "الروضة" و "المستصفى":

ومن خلالها تتضح مميزات كتاب "الروضة":

١- أثبت ابن قدامة في أول "الروضة" مقدمة تضمنت مسائل من فن المنطق، وقد تابع ابن قدامة الغزالي في ذلك، مع أن ابن قدامة لم يكن متكلمًا ولا منطقيًا، ولم يكن هذا من عادة الأصوليين.


(١) انظر: "المستصفى" (١٠) .
(٢) يقول الغزالي في مقدمة "المستصفى": "فإذن جملة الأصول تدور على أربعة أقطاب: القطب الأول: في الأحكام، والبداءة بها أولى؛ لأنها الثمرة المطلوبة. القطب الثاني: في الأدلة، وهي الكتاب والسنة والإجماع، وبها التثنية؛ إذ بعد الفراغ من معرفة الثمرة لا أهم من معرفة المثمر. القطب الثالث: في طريق الاستثمار، وهو وجوه دلالة الأدلة.... القطب الرابع: في المستثمر، وهو المجتهد......" "المستصفى" (١٤، ١٥) .
(٣) انظر: "كشف الظنون" (٢/١٦٧٣) .

<<  <   >  >>