للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الرابعة

حكم العمل بالقراءة الشاذة

القراءة الشاذة عند الأصوليين هي: ما لم يتواتر (١) .

وقد اختلف العلماء في العمل بالقراءة الشاذة بعد أن اتفقوا على أنها لا تكون قرآنًا، فذهب البعض إلى أنها حجة، وذهب البعض الآخر إلى عدم الاحتجاج بها.

والمسألة اجتهادية على كل حال. ومما يرجح جانب الاحتجاج بها: أن القراءة الشاذة لا تكون أقل من خبر الواحد أو قول الصحابي، وكلاهما حجة، فلذلك يكون العمل بها واجبًا، وهذا المذهب ذكره ابن عبد البر إجماعًا (٢) .

ومما يجدر التنبيه عليه في هذا المقام هو أنه لا يصح الاحتجاج في رد القراءة الشاذة بأن يقال: يحتمل أن يكون هذا مذهبًا للصحابي نقله خطأً، أو أن الصحابي يجوز القراءة بالمعنى (٣) .

قال ابن قدامة: "وقولهم: يجوز أن يكون مذهبًا، قلنا: لا يجوز ظن مثل هذا بالصحابة -رضي الله عنهم- فإن هذا افتراء على الله وكذب عظيم؛ إذ جعل


(١) انظر: "روضة الناظر" (١/١٨١) ، أما عند القراء فقد ذكر ابن الجزري: أن كل قراءة وافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالاً، ووافقت العربية ولو بوجه واحد، وصح سندها، فهي القراءة الصحيحة التي لا يحل لمسلم أن ينكرها سواء كانت عن السبعة أو عن العشرة أو عن غيرهم من الأئمة المقبولين، ومتى اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة أطلق عليها ضعيفة أو شاذة أو باطلة، سواء كانت عن السبعة أو عمن هو أكبر منهم، هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف، صرح به الداني، ومكي، والمهدوي، وأبو شامة، وهو مذهب السلف الذي لا يعرف عن أحد منهم خلافه. انظر: "النشر في القراءات العشر" (١/٥٣، ٥٤) .
(٢) انظر: "روضة الناظر" (١/١٨١) ، و"مجموع الفتاوى" (١٣، ٣٩٤، ٢٠/٢٦٠) ، و"مختصر ابن اللحام" (٧٢) ، و"شرح الكوكب المنير" (٢/١٣٦) ، و"المدخل" لابن بدران (٨٨) ، و"أضواء البيان" (٥/٢٤٨) ، و"مذكرة الشنقيطي" (٥٦) .
(٣) انظر: "روضة الناظر" (١/١٨١) ، و"مجموع الفتاوى" (١٣/٣٩٧) ، و"شرح الكوكب المنير" (٢/١٣٩) .

<<  <   >  >>