للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عباد الله هذه الآيات التي حلف الله بها والمحلوف عليه وهو الإنسان أدلة على عظمة ربنا، وتغييره للعالم وتصريفه إياه كيف أراد، ونقله من حال إلى حال، وهي من أعظم الأدلة على توحيده وصفات كماله، وصدقه، وصدق رسله، وعلى المعاد ولذلك قال عقبه بقوله: {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [الانشقاق: ٢٠] .

فأول أطباق الإنسان «نطفة» . ثم «علقة» . ثم «مضغة» . ثم «جنينًا» . ثم «مولودًا» . ثم «رضيعًا» . ثم «فطيمًا» . ثم «مميزًا» . ثم يأخذ في بلوغ الأِشد والشباب إلى الأربعين. ثم بعد الأربعين يأخذ في الكهولة إلى الستين. ثم يأخذ في الشيخوخة. فإذا انحطمت قواه فهو هرم. فإذا تغيرت أحواله وظهر نقصه فقد رد إلى أرذل العمر. وهي في جميع أطواره: إما صحيح أو مريض، غني أو فقير، معافى أو مبتلى إلى جميع أحوال الإنسان المختلفة عليه.

فإذا بلغ الأجل الذي قدر له واستوفاه جاءته رسل ربه - عز وجل - ينقلونه من دار الفناء إلى دار البقاء، فجلسوا منه مد البصر، ثم دنا منه الملك الموكل بقبض الأرواح فاستدعى بالروح، فإن كانت روحًا طيبة قال: اخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب، اخرجي حميدة وأبشري بروح وريحان، ورب غير غضبان، فتخرج من بدنه كما تخرج القطرة من في السقاء، فإذا أخذها لم يدعوها في يديه طرفة عين، فيحنطونها ويكفنونها بحنوط وكفن من الجنة،

ثم يصلون عليها، ويوجد لها كأطيب نفحة مسك وجدت على الأرض، ثم يصعد بها للعرض الأول على أسرع الحاسبين فينتهى بها إلى السماء الدنيا فيستأذن لها، فتفتح لها أبواب السماء، ويصلي عليها ملائكتها، ويشيعها مقربوها إلى السماء الثانية، فيفعل

<<  <   >  >>