للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معقول آية بل آيات مؤدية عنه شاهدة بأنه الله الذي لا إله إلا هو رب العالمين فكيف يكون فيه شك؟!

فالرسل عليهم الصلاة والسلام إنما دعوا أممهم إلى عبادته وحده، لا إلى الإقرار به؛ فوجوده سبحانه وربوبيته وقدرته أظهر من كل شيء فهو أظهر للبصائر من الشمس للأبصار، وأبين للعقول من كل ما تعقله وتقر بوجوده، فما ينكره إلا مكابر بلسانه من كل جحود كفور، وقلبه وعقله وفطرته كلها تكذبه. فقد نصب سبحانه من الأدلة على وجوده ووحدانيته وصفات كماله الأدلة على اختلاف أنواعها ما لا يطيق حصرها إلا الله، ثم ركز ذلك في الفطرة، ووضعه في العقل جملة، فإذا قال الداعي: يا الله! قام بقلبه ربا، قيومًا بنفسه، مستويًا على عرشه، مكلمًا، متكلمًا، سامعًا، رائيًا، قديرًا، مريدًا، فعالًا لما يشاء، يسمع دعاء الداعين، ويقضي حوائج السائلين، ويفرج عن المكروبين، ترضيه الطاعات، وتغضبه المعاصي، تعرج الملائكة بالأمر إليه، وتنزل بالأمر من عنده، قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * مُنِيبِينَ إِلَيْهِ} [الروم: ٣٠، ٣١] هذه هي الفطرة.

واسمعوا عباد الله إلى دلالة العقل، قال تعالى منكرًا على المشركين معه غيره في العبادة: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} [الطُّور: ٣٥] {أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَا يُوقِنُونَ} [الطُّور: ٣٦] ، يقول تعالى: هؤلاء مخلقون بعد أن لم يكونوا، فهل خلقوا من غير خالق خلقهم؟ فهذا من المحال الممتنع عند كل من له فهم وعقل أن يكون مصنوع من غير صانع، ومخلوق من غير خالق.

<<  <   >  >>