للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن أفنَى بالعلم نفسه، وأحيا بالعلم روحه؛ كان مع المتقين في جنات ونهر.

ومعنى التقليد قبول قول المفتى من غير حُجة، ولو أُوجب على الكافة التحقيق دون التقليد أدى ذلك إلى تعطيل المعايش وخراب الدنيا، فجاز أن يكون بعضهم مقلدا، وبعضهم متعلما، وبعضهم عالما، ولن ترتفع درجة في الجنان كدرجة العلماء والمتعلمين ثم درجة المحبين، قَالَ اللَّه سبحانه: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ} ١.

[١١٢] سمعت القاضي الإمام عزيزي شيذله من لفظه في سنة تسعين وأربعمائة يقول:

اللَّهم يا واسع المغفرة، ويا باسط اليدين بالرحمة، افعل بي ما أنت أهله، إلهي أذنبت في بعض الأوقات، وآمنت بك في كل الأوقات، فكيف يغلب بعض عمري مذنبا جميع عمري مؤمنا؟

إلهي لو سألتني حسناتي لجعلتها لك مع شدة حاجتي إليها، وأنا عبد، فكيف لا أرجو أن تهب لي سيئاتي مع غناك عنها، وأنت رب، فيا من أعطنا خير ما في خزائنه وهو الإيمان به قبل السؤال، لا تمنعنا أوسع٢ ما في خزائنك، وهو العفو مع السؤال.

إلهي حجتي حاجتي، وعُدَّتي فاقتي، فارحمني، إلهي كيف أمتنع بالذنب من الدعاء، ولا أراك تمتنع٣ مع الذنب من العطاء، فإن غفرت فخير راحم أنت، وإن عذبت فغير ظالم أنت، إلهي أنت إلهي سألتك تذللا فأعطني تفضلًا.


١ الأنبياء: ٧.
[١١٢] طبقات الشافعية للسبكي "٥/ ٢٣٦، ٢٣٧" رواها السبكي عن أم عبد الله زينب بنت الكمال أحمد بن عبد الرحيم بن عبد الواحد بن أحمد المقدسي، عن ابن الخيِّر، وابن السِّيدي، وابن العُلَّيق، وابن المنِّي إجازة قالوا: أنبأتنا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ بْنِ الْفَرَجِ الإبري سماعًا ... فذكره.
٢ "أوسع": ليست في الأصل، وأثبتناها من "ب" وطبقات الشافعية.
٣ في الطبقات: تمنع.

<<  <   >  >>