للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفصل الثامن: الهبة وأحكامها.

تعريف الهبة لغة وشرعا:

الهبة لغة: من وهب بمعنى مر لمرورها من يد إلى يد أخرى، أو بمعنى تيقظ لتيقظ فاعلها للخير أو هي مأخوذة من هبوب الريح، قال في الفتح: تطلق بالمعنى الأعم على أنواع: الإبراء، وهو هبة الدين ممن هو عليه، والصدقة وهي هبة ما يتمحض به طلب ثواب الآخرة، والهدية وهي ما يلزم به الموهوب له عوضه، ومنخصها بالحياة أخرج الوصية، وهي تكون أيضا بالأنواع الثلاثة، وتطلق الهبة بالمعنى الأخص على ما لا يقصد له بدل١، وعليه ينطبق قول من عرف الهبة بأنها تمليك بلا عوض، وهذا هو معنى الهبة شرعا، فإن الهبة شرعا: تمليك منجز مطلق في عين حال الحياة بلا عوض ولو من الأعلى، أو نقول: هي تمليك تطوع في الحياة، وهذا أولى وأخصر.

فخرج بالتمليك الضيافة؛ لأنها إباحة لكن يملك الضيف ما أكله بوضعه في فمه ملكا مراعي فيه أنه إن ازدرده، أو بلغه استقر على ملكه، وإن أخرجه تبين أنه باق على ملك صاحبه، ولهذا لو حلف لا يأكل طعام زيد، فأكله ضيفا لم يحنث؛ لأنه لم يأكل إلا طعام نفسه، كما يخرج بالتمليك أيضا الوقف؛ لأنه إباحة على المعتمد، فهو خارج بالتمليك، وعلى القول بأنه تمليك فهو تمليك للمنفعة لا للعين، فيكون الوقف على هذا خارج بقوله في عين، وخرجت العارية كذلك بالتمليك؛ لأنها إباحة في المنافع؛ لأن المستعير ينتفع ولا يمتلك المنفعة.

وقوله: منجز أي حاصل في الحال، فخرج به المعلق غير صفة كقدوم غائب نحو إن جاء زيد فقد وهبتك كذا، فلا يصح؛ لأنه غير منجز، وخرج


١ تقول: وهبت لزيد مالا أعطيته بلا عوض ... واتهبت الهبة قبلتها ويتعدى للمفعول الأول بلام، وفي التنزيل: {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} "المصباح المنير ج٢ ص٨٤٢".

<<  <   >  >>