للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أردت شكراً بِلا مَنٍّ ومرزأةٍ ... لقد سلكت سبيلاً غير مسلوك

وقال أبو تمام:

عياش إنك للئيمٌ وإنَّني ... إذْ صرت موضعَ مطلبي للئيم

السحتُ أعذبُ من نوالك مطمعاً ... والمهل والغسلين والزقّوم

لما بدا لي في صميمك ما بدا ... بل لم يصب لك لا أصيب صميم

جددتُ في ذَمِّيك حبلَ قصائد ... جالت به الدُّنيا وأنتَ مقيم

وقال أيضاً:

ليُسوِّدنَّ بقاعَ وَجهك منطقي ... أضعافَ ما سوَّدتَ وجهَ قصيدي

وليفضحنَّك في المحافل كلِّها ... صَدري كما فضحتْ يداكَ ورودي

وله أيضاً:

توهُّمُ آجلِ الطمع المُغيتي ... تيقنُ عاجلِ اليأس المنيل

فأجدى مَوقفي بنداك جَدوَى ... وقوفِ الصَّبِّ في الطلل المُحيل

وكنتُ أعزُّ عزّاً من قنوعٍ ... يعوِّضه صفوح من ملول

فصرت أذلّ من معنَى دقيق ... به فَقْر إلى ذهن جليل

فما أدري عَمَاي عن ارتيادي ... دَهاني أم عَمَاك عن الجَميل

ذخرتك للجزيلِ وأنت لغوٌ ... ظلمتُك لستَ من أهلِ الجزيل

رُويدَك إن لؤمكَ سوف يجلو ... لك الظّلماء عن حُزن طويل

وأقلل إن كبركَ سوف يَصلى ... بنيراني أقلُّ من القَليل

مَراراتُ المُقامِ عليكَ تعفو ... فتذهب في حلاوات الرَّحيل

وله أيضاً:

أضحَوْا بمُستنِّ سيل الذمّ وارتفعتْ ... أموالهم في هضاب المَطل والعِلل

من كلِّ أظمى الثرى والأرض قد نهلتْ ... ومقشعرّ الذّرى والشَّمس في الحمل

وأخرسِ الجود تلقَى الدَّهرَ سائله ... كأنَّهُ واقف منه علَى طَلَل

وله أيضاً:

ستعلم يا عياش إن كنت تعلمُ ... فتندمُ إن خلاَّك جهلُكَ تندمُ

وقفتُ عليكَ الذمّ حتَّى كأنّما ... لديك الغنَى أوْ ليسَ في الأرضِ درهمُ

وكفكفتُ عنكَ الذمّ حتَّى كأنّما ... أجاركَ مجدٌ أوْ كأني مفحَمُ

فلمَّا بدا لي منكَ لؤمٌ تحفّهُ ... حرَّ ميَّةٌ ينشقُّ عنها التَّبظْرُمُ

تركتكَ ما إنْ في أديمكَ ظاهرٌ ... ولا باطن إلاَّ ولي فيه ميسمُ

وأيسَرُ من تَسآلكَ العيُّ والعمَى ... وأعذبُ من إحسانكَ القيحُ والدمُ

رأيتكَ من مالٍ وجود ومحتِدٍ ... لأعدمُ من أن يسْتَريشك مُعدَمُ

وما ليَ أهجو حضرموت كأنَّهمْ ... أضاعوا ذمامي أوْ كأنَّك منهُمُ

وقال البحتري:

خطب المديح فقلتُ خلِّ طريقَهُ ... ليجوز عنك فلستَ من أكفائه

وقد انتمَى فانظُرْ إلى أخلاقه ... صفحاً ولا تنظرْ إلى آبائه

أعطى القليلَ وذاك مبلغُ قدرِهِ ... ثمَّ استردَّ وذاك مبلغُ رائه

ولبعض بني أسد:

وما جاءني من خالد غير خمسةٍ ... وما خمسة من خالد بقليل

ثقيل علَى ظهر الجواد إذا غدا ... وليس علَى أعدائه بثقيل

وقال الأخطل:

ما زالَ فينا رباطُ الخيل مُعلمةً ... وفي كُليب رباطُ الذلِّ والعارِ

قومٌ إذا استنبحَ الأضياف كلبهُمُ ... قالوا لأُمِّهم بولي علَى النَّارِ

وقال أبو تمام الطائي:

أتطمعَ أن تُعَدَّ كريم قومٍ ... وبابُكَ لا يطيفُ به كريمُ

كمن جعلَ الحضيض له مهاداً ... ويزعمُ أن أخوته النُّجومُ

فما أنت اللَّئيمُ أباً ولكن ... زمانٌ سُدتَ فيه هو اللَّئيمُ

وقال البحتري:

وأكثر ما لسائلهم لديهم ... إذا ما جاءَ قولهُمُ تعودُ

ووعد ليس يُعرفُ من عُبوس ان ... قباضِهم أوعدٌ أمْ وَعيدُ

وقال أيضاً:

لو صافحوا المُزن ما ابتلتْ أناملهم ... ولو يَخوضونَ بحر الصِّين ما غَرِقوا

جَفُّوا من اللّؤم حتَّى لو بَدا لهمُ ... ضوءُ السَّنا في سواد اللَّيل لاحترقوا

[الباب التاسع والستون]

[ذكر]

[من هجي بالفرار من اللقاء]

[والجزع من مواقعة الأعداء وأول بابه]

قال حسان بن ثابت يعير الحارث بن هشام بفراره وتسليمه من معه:

إن كنت كاذبة الَّذي حدثتني ... فنجوتِ منجى الحارث بن هشام

ترك الأحبَّةَ أن يُقاتل دونهم ... ونجا برأس طِمرَّةٍ ولِجام

وقال الحارث بن هشام معتذراً من ذلك:

<<  <   >  >>