للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا كعبَ أسفلُ موضعاً من كعبه ... مع أنَّه عن كلِّ كعب عالِ

سامٍ كأنَّ العزّ يجذبُ ضيعَهُ ... وسُمُوُّه من ذلَّة وسفالِ

مُتفرغ أبداً وليس بفارغٍ ... من لا سبيل له إلى الأشغالِ

وقال أيضاً:

أعطى بكلتا يديه ثمَّ قيل له ... هذا أبو دُلف العجلي قد دَلَفا

جيران تحسب أن النَّقع من دهشٍ ... طوراً......

تركت أجفانه مغموضة أبداً ... ذُلاً يمكن عينيه ولا وَطَفا

برقٌ إذا رقّ غيثٌ باتَ مختطفاً ... للطرف أصبح للهامات مختطفا

وللبحتري:

وقد شاغبَ الإسلام خمسين حجَّةً ... فلا الخوفُ ناهيه ولا الحُلمُ زاجرُه

ولمَّا التقى الجمعان لم تجتمع لهُ ... يَداه ولم ينبت علَى البيض أطرُه

فجاءَ مجيء العير قادتْهُ حَيرةٌ ... إلى أهرت الشّدقين تُدمَى أظافرُه

ومن كانَ في استسلامه لائماً لهُ ... فإنِّي علَى ما كانَ من ذاكَ عاذرُه

وكيفَ يفوتُ اللَّيثَ في قيد لحظهِ ... وكانَ علَى شهرين همٌّ يُحاصرُه

فإن أدركتْهُ بالعراق نيَّةٌ ... فقاتلهُ عند الخليفةِ آسرُه

بتدبيرك الميمون أعلى مكيدة ... وكلَّتْ عليه سمرُهُ وبواترُه

وظنّك سرٌّ لو تكلف ظنّهُ ... دجا اللَّيل عنَّا لم تسعْه ضمائرُه

[الباب السبعون]

[ذكر]

[من هجي بقبح خلقته وعيب بسوء خليقته]

أنشدني بعض أهل الأدب في أبي يعلى الكاتب:

نعمة الله لا تُعاب ولكن ... ربَّما استُقْبحت علَى أقوامِ

لا يليقُ الغنَى بوجه أبي يعلى ... لا ولا نُور بهجةَ الإسلامِ

وسخ الثَّوب والقلانِسِ والبِرْ ... ذونِ والوجه والقَفَا والغُلامِ

لا تمسّوا دواته فتصيبوا ... من دماءِ الحُسين في الأقلامِ

وقال آخر:

خنازير نامُوا عن المكرمات ... فقام بهم قائمٌ لم يَنَمْ

فيا قُبحهُمْ في الَّذي مُلِّكوا ... ويا حُسنهمْ في زَوال النِّعمْ

وقال آخر:

لستُ أدري ما أُسمِّي رجُلاً ... قلَّ منه ملحُهُ حتَّى مَلح

فهو كالقرد إذا استقبحتُهُ ... زادَ في عينيك حُسناً ما قَبح

وقال آخر:

يا مَن تبرَّمتِ الدُّنيا بطلعته ... كما تبرَّمت الأجفان بالسُّهدِ

يمشي علَى الأرضِ مختالاً فأحسبُه ... من بغض طلعته يمشي علَى الكبدِ

لو كانَ للخلق جزءٌ من سماحته ... لم يقدم الموت إشفاقاً علَى أحدِ

وقال آذرست المعلم:

لنا صاحبٌ مُولَع بالمراء ... كثيرُ الجدال قليلُ الصَّواب

ألجّ لجاجاً من الخُنفساء ... وأزهَى إذا ما مشَى من غراب

وقال محمد بن حازم الباهلي:

يطول بقربك اليوم القصيرُ ... ويَرحل إن مررت بنا السُّرورُ

لقاؤك للمبكِّر فأل سوءٍ ... ووجهكَ أربعاءٌ لا تدورُ

وقال آخر:

عذرُك عندي بكَ مبسوطُ ... والذَّنبُ عن مثلك محطوطُ

ليس بمسخُوط فعالُ امرئ ... كلُّ الَّذي يفعل مسخوطُ

قد كانَ حظّاً لك مُسترجحاً ... لو كانَ في أمرك تخليطُ

وأنشدني أحمد بن أبي طاهر:

ويومٍ كنارِ الشَّوق في القلبِ حرَّهُ ... علَى أنَّه منه أحرُّ وأرقَدُ

ظللتُ به عندَ المبرِّدِ قائظاً ... فما زلتُ في ألفاظهِ أتبرَّدُ

وقال آخر:

رأيتكَ قائلاً للشَّاة فرِّي ... وللذِّئب العشا قبل الرَّواحِ

وللرَّكب المُعرى لا تنامُوا ... وللّصّ الوجا قبل الصَّباحِ

وقال آخر يصف شناعة أبي جهل:

وشاعرٍ يهتكُ من عِرضه ... أضعافَ ما يهتكُ من عِرضي

عجبتُ لمَّا جاءني شِعرُهُ ... وبعضُهُ يسخرُ من بعضِ

ومن خبيث الهجاء قول الآخر:

أحسن ما في خالدٍ وجُهُ ... فقِسْ علَى الغائب بالشَّاهدِ

ومثله:

قَبُحتْ مناظرهمْ فحينَ خَبرتُهمْ ... حَسُنتْ مناظِرهم بقُبحِ المخبَرِ

وقال الحطيئة يهجو ابنته:

تنحَّيْ فاجلسِي منِّي بعيداً ... أراحَ اللهُ منكِ العالمينَا

حياتكِ ما علمتُ حياةَ سوءٍ ... وموتُكِ قد يسرُّ الصَّالحينا

أغِربالاً إذا استُودِعتِ سرّاً ... وكانُوناً علَى المتحدِّثينا

<<  <   >  >>