للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مواضع الوصل١:

وإن لم يكن بين الجملتين شيء من الأحوال الأربع تعين الوصل

"الوصل لدفع الإيهام":

إما لدفع إيهام خلاف المقصود٢، كقول البلغاء. لا وأيدك الله٣.


١ انتهى الكلام على الأحوال الأربعة المقتضية للفصل وهي: كما ل الانقطاع بلا إيهام، وكمال الاتصال، وشبه كل منهما.
وهذا شروع في مواضع الوصل وهي حالتان: كما ل الانقطاع مع الإيهام، والتوسط بين الكمالين.
٢ أي مع صرف النظر عما بين الجملتين من كما ل انقطاع، لأجل دفع إيهام السامع خلاف مراد المتكلم لولم يعطف -وراجع في ذلك المفتاح ص١٣٩.
٣ مر رجل بأبي بكر، ومع الرجل ثوب فقال له: أتبيع الثوب؟ فقال الرجل: لا. عافاك الله، فقال أبو بكر: لقد علمتم لو كنتم تعلمون، قل: لا وعافاك الله "١٧٩ جـ١ البيان والتبيين للجاحظ، ٣٥٨ الأدب الإسلامي لمحمود مصطفى". وبين المأمون وابن المبارك حوار في "لا وجعلني الله فداك" "راجع ذلك في ص١٥٤ من أدب الكتاب للصولي".
والوصل هنا نظير الفصل لدفع الإيهام الكائن في الوصل في قوله "أراها في الضلال تهيم" وقال السبكي: والظاهر أن الواو ليست هنا للعطف بل هي زائدة لدفع الإيهام وليست عاطفة ففي ذكر هذا القسم في باب الوصل إيهام.
وأيدك الله: قولهم لا رد لكلام سابق كما إذا قيل هل الأمر كذلك فيقال لا، أي ليس الأمر كذلك، فهذه جملة إخبارية وأيدك الله جملة إنشائية دعائية فبينهما كما ل الانقطاع لكن عطفت عليها؛ لأن ترك العطف يوهم أنه دعاء على المخاطب بعدهم التأييد مع أن المقصود الدعاء له بالتأييد، فأينما وقع هذا الكلام فالمعطوف عليه هو مضمون قولهم لا. والزوزني لما لم يقف على المعطوف عليه في هذا الكلام نقل عن الثعالبي حكاية مشتملة على قوله "قلت لا وأيدك الله" وزعم أن قوله "وأيدك الله" عطف على قوله "قلت" ولم يعرف أنه لو كان كذلك لم يدخل الدعاء تحت القول، وأنه لو لم يحك الحكاية فحين قال للمخاطب "لا وأيدك الله" فلا بد له من معطوف عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>