للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووطفاء وجرداء وكذا أزب وزباء وهذا أمر واضح. وأما قوله: إنَّ الأزب لم يستعمل اسما فغير بين فإنَ الأزب من أسماء الشياطين. وفي حديث العقبة هو شيطان اسمه أزب العقبة. والزباء اسم لبلد على الفرات ولفرس الأصيدف الطائي ولماء لبني سليط وآخر لطهية ولعين باليمامة. والزباء أيضاً اسم من أسماء الأست، والدهية الشديدة. فلم يصح قوله إنّه لم يستعمل اسما. ولم يمتنع أن يكون اسما للملكة المذكورة وإن كان وصفها في أصله بل لو لم يكن اسما في غيرها لم يمتنع أن يكون اسما فيها على أنه ليس اسما لها بادئ بدء. وإنّما لقبت به لكثرة شعرها كما قلنا أوّلاً فغلب عليها. واسمها فارعة وقيل نائلة وقيل ميسور. وأما البيت الذي استشهد به، فليس وحده بناهض في الاحتجاج لصحة قصر الممدود. والمعروف عند اللغويين إنَّ الزباء بالمد كما نطق به الإمام أبو بكر بن دريد في مقصورته حيث قال:

فاستنزل الزباء قسرا وهي من ... عقاب لوح الجو أعلى منتهى

وهو الموافق للقياس. ومد المقصور أضعف من قصر الممدود. ثم إنَّ الزباء جمعت الأموال والأجناد وتوقفت وكانت نبيلة علقلة. فعادت إلى دياره أبيها وأزالت جذيمة عنها وملكت. فكانت تعد من ملوك الطوائف وحرمت الرجال على نفسها فهي بتول. وكان بينها وبين جذيمة مهادنة بعد حروب جرت. فلما همت بالقيام بثأر أبيها أرسلت إليه تخطبه على نفسها وترغبه في أن يتصل ملكه بملكها، فأحب ذلك. وقيل هو الذي حدثته نفسه بخطبتها فشاور خاصته فوافقوه كلهم إلاّ قصيرا. وهو قصير بكسر الصاد أبن سعد وكان عاقلا نبيلا وهو أبن عم جذيمة وصاحب أمره وعهده. قالوا ولم يكن قصيرا وإنّما سمي به فقط. قال له: أبيت اللعن أيها الملك! إنَّ الزباء حرمت الرجال فهي بتول عذراء لا ترغب في مال ولا جمال ولها عندك ثأر والدم لا ينام؛ وإنّما هي تاركتك رهبة وحذاراً والحقد دفين في سويداء القلب له كمون ككمون النار في الحجر إن اقتدحته أورى إن تركته توارى وللملك في بنات الملوك متسع. وقد رفع الله قدرك عن الطمع فيما هو دونك وعظم الرب شأنك فما أحد فوقك. فقال جذيمة: يا قصير الرأي ما رأيت ولكن النفس تواقة وإلى ما تحب مشتاقة ولكل امرئ قدر لا مفر منه ولا وزر! ثم وجه جذيمة إليها خاطبا وأمره أن يظهر لها

<<  <  ج: ص:  >  >>