للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمشي بين يديه وهو يقول:

خلو بني الكفار عن سبيله ... اليوم نضربكم على تنزيله

ضربا يزيل الهام عن مقيله ... ويذهل الخليل عن خليله

فقال له عمر رضي الله عنه: يا أبن رواحة! بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي حرم الله تقول الشعر؟ فقال صلى الله عليه وسلم: خل عنه يا عمر! فلهي أسرع فيهم من وقع النبل. ولمّا هجت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لحسان رضي الله عنه: اهجهم ومعك جبريل روح القدس فلهجائك أشد عليهم من وقع السهام، في غبش الظلام! وقال عمر رضي الله عنه: من أفضل ما أعطيته العرب الأبيات يقدمها الرجل أمام حاجته فيستعطف بها الكريم ويستنزل بها اللئيم. وقال أيضاً: تعلموا الشعر، فإن فيه محاسن تبتغى ومساوئ تتقى. وكتب إلى أبي موسى الشعري: مر من قبلك يتعلم الشعر، فإنه يدل على معالي الأخلاق وصواب الرأي ومعرفة الأنساب. وقال معاوية رضي الله عنه: يجب على الرجل تأديب ولده والشعر أعلى مراتب الأدب وقال: رووا أولادكم الشعر واجعلوه أكبر همكم وأكثر آدابكم، فلقد رأيتني ليلة الهرير بصفين، وقد أتيت بفرس ووضعت رجلي في ركابه لأفر من شدة البلاء، فما حملني على الثبات إلا ذكر أبيات عمرو بن الأطنابة:

أبت لي همتي وأبى بلائي ... وأخذي الحمد بالثمن الربيح

وإقحامي على المكروه نفسي ... وضربي هامة البطل المشيح

وقولي كلما جشأت وجاشت ... مكانك تحمدي أو تستريحي

لأدفع عن مآثر صالحات ... واحمي بعد عن عرض صحيح

وقال بعضهم: كنا عند عمار بصفين، وعنده شاعر ينشده، فقال رجل: أيقال فيكم الشعر وانتم أصحاب محمّد وأصحاب بدر؟ فقال له عمار: إنّ شئت فاسمع، وإنّ شئت فأذهب. أنا لمّا هجانا المشركون قال رسول الله صلى

<<  <  ج: ص:  >  >>