للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت للأهيف الذي فضح الغصن ... كلام الوشاة ما ينبغي لك

قال: قول الوشاة عندي ريحٌ ... قلت: أخشى على غصن أن يستميلك

ويشبه هذا ما حكي أنَّ رجلا دخل دارا ينظرها ليشتريها فسمع في بعض خشبها صوتا فقال: ما هذا؟ فقال صاحب الدار: أعزك الله! هذا السقف يسبح لله عز وجل. فقال: أخشى أن يلحقه الخشوع فيسجد.

وقال لبن خفاجة:

وعشيِّ أنسٍ أضجعتني نشوةٌ ... فيه تمهد مضجعي وتدمثُ

خلعت عليَّ بها الأراكة ظلها ... والغصن يصغي والحمام يحدثُ

والشمس تجنح للغروب مريضةً ... والرعد يرقي والغمامة تنفثُ

ومما يستلذ في هذا المعنى قول الآخر:

عرج بمنعرج الكثيب الأعفر ... بين الفرات وبين شط الكوثرِ

ولتغتبقها قهوةٌ ذهبيةٌ ... من راحتي أحوى المدامع أحوارِ

وعشية كم كنت أرقب وقتها ... سمحت بها الأيام بعد يعذرِ

نلنا بها آمالنا في روضةٍ ... تهدي لناشقها نسيم العنبرِ

والورق يشدو والأراكة تنثني ... والشمس ترفل في قميصٍ أصفرِ

والروض بين مفضض ومذهبٍ ... والزهور بين مدرهم ومدنرِ

والنهر مصقول الأبطاح والربا ... والشط بين مزعفرٍ ومعصفرِ

وكأنه وكأن خضرة شطه ... سيف يسل على بساط أخضرِ

وكأنما ذاك الحباب فرنده ... مهما طفا في صفحة كالجوهرِ

وكأنه وجهاته محفوفةٌ ... بالورد والريحان خد معذرِ

نهرٌ اصفر وجه الشمس عند غروبها ... إلاّ لفرقة حسن هذا المنظرِ

وقول مالك بن المرحل:

<<  <  ج: ص:  >  >>