للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأخي: قد ترى ما نحن فيه من الجهد ونحن نكره خروج الملك منكم إلى غيركم فساعدنا على قتل أخيك وأجلس مكانه! وعرف أخوه بغيه واعتداءه فأجابهم إلى ذلك فوثبوا عليه وقتلوه. فيقال إنّه مر به رجل يقال له عامر بن جذيمة وهو مقتول وقد سمع قوله: جوع كلبك يتبعك! فقال: ربما أكل الكلب مجوعه إذا لم ينل شبعه! وقال لبو جعفر المنصور يوما لقواده: صدق الإعرابي حيث يقول: أجع كلبك يتبعك! فقال له أبو العباس الطوسي منهم: يا أمير المؤمنين أخشى أن يلوح له رجل برغيف فيتبعه ويدعك!

[أجوع من ذئب.]

الذئب معروف يهمز ويخفف والأنثى ذئبية. قال الشاعر:

فصرت كنعجة تضحي وتمسي ... تردد بين أخبث ذئبين

والذئب يوصفل بالجوع المفرط ومن ثم يقال للجوع داء الذئب. يقال: رماه الله بداء الذئب أي الجوع. وهو مع ذلك شديد الصبر عليه وربما اكتفى بالنسيم. ويقال إنّه إذا ألح عليه الجوع عوى فتجتمع عليه الذئاب فتحمل على إنسان حملة واحدة وكل منها حريص عليه؛ إلاّ إنّه إذا أدمي منها واحد وثبت عليه البواقي وتركت الإنسان. ومن ثم قال الشاعر يعاتب صديقا له أعان عليه في أمر نزل به:

وكنت كذئب السوء لمّا رأى دماً ... بصاحبه يوماً أحال على الدمِ

وقال العجير السلولي:

تركنا أبا الأضياف في ليلة الدجى ... بمر ومردى كل خصمٍ يجادله

تركنا فتى قد أيقن الجوع أنه ... إذا ما ثوى في أرحل القوم قاتله

فتى قُدَّ قَدَّ السيف لا متضائلٌ ... ولا رهلٌ لماته وبآدله

إذا القوم أموا بيته فهو عامرٌ ... لأحسن ما ظنوا به فهو فاعله

جوادٌ بدنياه بخيلٌ بعرضه ... عطوفٌ على المولى قليلٌ غوائله

<<  <  ج: ص:  >  >>