للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خليلي من كعب ألما هيتما ... بزينب لا تفقدكما أبدا كعب

من اليوم زوارها فإن ركبنا ... غداة غدٍ عنها وعن أهلها نكب

وقولا لها: يا أم عثمان خلتي ... أسلم لنا في حبنا أنت أم حرب؟

وقال رجال: حسبه من طلابها " البيت " وكان جرير يقول: " وددت أني سبقت أبن السوداء إلى هذه الأبيات! " يعني نصيبا.

وقال الأعرابي:

وحسبك من خمر يفوتك ريقها ... ووالله ما من ريقها حسبك الخمر!

ولهذا الشعر حطاية ظريفة عن بعض أصحاب الأصمعي قال: ما رأيت كأعرابي وقف علينا وسلم وقال: أيكم الأصمعي؟ فقال له: هاأنا ذا! قال: أنت الذي يزعم هؤلاء انك أعرفهم بالشعر؟ قال: فمن هو اعلم مني؟ قال: أنشدوني من شعر أهل الحضر حتى أريه من شعرنا، فأنشده شعراً قيل في مسلمة بن عبد الملك:

أمسلم أنت البحر إنَّ جاء واردٌ ... وليث إذا ما الحرب طار عقابها

وأنت كسيف الهندواني إنَّ غدت ... حوادث من حرب يعب عبابها

ولا خلقت أكرومة في امرئ له ... ولا غاية إلاّ إليك مآبها

كأنك ديدان عليها موكل ... بها وعلى كفيك يجري حسابها

إليك رحلنا العيس إذ لم نجد لها ... أخاثقةٍ يجرى لديه ثوابها

فتبسم الأعرابي وهز رأسه، فظننا إنّه استحسن الشعر، ثم قال: هذا شعر مهلهل النسج، خطؤه من صوابه: تشبهون الملك بالأسد، والأسد أبخر قبيح المنظر، وبالبحر، والبحر مر صعب، وبالسيف، وربما خان ونبا. هلا أنشدتموني كما قال صبي منا؟ فقال له الأصمعي: ما قال؟ فأنشد:

إذا سألت الورى عن كل مكرمةٍ ... لم يعز أكرمها إلاّ إلى الهول

فتى جواد أذاب المال نائله ... فالنيل يشكوا لديه كثرة النيل

والموت يكره إنَّ يلقى منيته ... في كره عند لف الخيل بالخيل

لو زاحم الشمس أبقى كاسفة ... أو زاحم الصم ألجاها إلى الميل

<<  <  ج: ص:  >  >>