للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال شمس الدين بن خلكان رحمه الله تعالى: وقد رأيت المبرد في المنام وأنا بالاسكندرية وفي سنة ست وثلاثين وستمائة وعندي الله تعالى ذاك الكامل للمبرد وكتاب العقد الفريد لابن عبد ربة. فرأيت في العقد في ترجمة ما غلط فيه على الشعراء وذكر أبياتا نسبوا أصحابها إلى الغلط ولم يغلطوا وإنّما وقع الغلط ممن غلطهم منها ما ذكر المبرد في الروضة من تغليط أبي نواس في البيت السابق والغلط إنّما هو من المبرد كما قررنا. قال: فلما كان بعد ليال قلائل من وقوفي على هذه الفائدة رأيت كأني بمدينة حلب في مدرسة القاضي بهاء الدين وكأننا صلينا الظهر جماعة. فلما فرغنا أردت الخروج فرأيت في أخريات الموضع رجلا واقفا يصلي فقال لي بعض الحاضرين: هذا أبو العباس المبرد. فجئت إليه وقعدت إلى جانبه انتظر فراغه. فلما فرغ سلمت عليه فقلت له: أنا في هذا الزمان أطالع كتابك الكامل. فقال لي: رأيت كتابي الروضة؟ فقلت: لا. وما كنت رأيتها قبل ذلك. فقال لي: قم حتى أريك إياه فقمت وصعد بي إلى بيته. فدخلنا ورأيت فيه كتب كثيرة. فقعد يفتش عليه وقعدت أنا ناحية. فأخرج مجلدا ودفعه لي ففتحته وتركته في حجري فقلت له: قد أخذوا عليك. فقال: أي شيء أخذوا؟ فقلت له: انك نسبت أبا نواس إلى الغلط في بيت كذا وأنشدته إياه. فقال: نعم غلط في هذا. فقلت؟ إنّه لم يغلط بل هو على صواب ونسبوك أنت إلى الغلط في تغليطه. فقال: وكيف هذا؟ فعرفته ما قاله صاحب العقد. فعض على رأس سبابته وبقي ساعة ينظر إلي وهو في صورة خجلان حتى استيقظت من منامي وهو على تلك الحال. انتهى ملخصا.

[أحمق من رجلة.]

الرجلة بكسر الراء وسكون الجيم: ضرب من النبات معروف ينبت في حميل السيل فيقتلعه فيوصف لذلك بالحمق. ويقال له بقلة الحمقاء والبقلة اللينة والبقلة المباركة. وقيل إنَّ البقلة المباركة هي الهندباء. وقولهم بقلة الحمقاء أضيف منه الموصوف إلى الصفة في الظاهر كقولهم: مسجد الجامع وصلاة الأولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>