للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول الآخر:

وما روض الربيع وقد زهاه ... ندى الأشجار يأرج بالغداةِ

بأوضاع أو بأبسط من نسيمٍ ... توديه الأفاوه من دواةِ

وقول الآخر في خلاف هذا:

دعي في الكتابة لا رويٌ ... له فيما يعد ولا بديهُ

كأن دواته من ريق فيه ... تلاق فريحها أبداً كريهُ!

وقول بعضهم وقد نظر إلى فتى عليه أثر المداد وهو يستره:

لا تجزعن من المداد فإنه ... عطر الرجال وحلية الكتاب!

ويقال: أثر المداد دليل على الفضل حتى إنَّ عبيد الله بن سليمان رأى صفرة زعفران في ثوبه فطلاها بالحبر وقال: المداد أحسن بنا من الزعفران! وأنشد:

إنما الزعفران عطر العذارى ... ومداد الدوات عطر الرجالِ

وقول الآخر يهجو كاتبا:

حمارٌ في الكتابة يدعيها ... كدعوى آل حربٍ في زيادِ

فدع عنك الكتابة لست منها ... ولو غرقت ثوبك في المدادِ!

وقال بعضهم: كنت عند إبراهيم بن العباس وهو يكتب كتابا فوقعت من القلم نقطة مفسدة فمسحها بكمه فتعجبت فقال: لا تعجب! المال فرع والقلم أصل والأصل أحوج من الفرع إلى المراعات وبهذا السواد جاءت الثياب. ثم أطرق قليلا فأنشد:

إذا ما الفكر ولد حسن لفظٍ ... وأسلمه الوجود إلى العيانِ

ووشاه فنمنمه مشدٍ ... فصيحٌ في المقال بلا لسانِ

ترى حلل البيان منشراتٍ ... تجلى بينها صور المعاني

وكتب سليمان بن وهب بقلم صلب واعتمد عليه فصر تحت يده فقال:

إذا ما التقينا وانتضينا صوارماً ... يكاد يصم السامعين صريرها

تساقط في القرطاس منها بدائعٌ ... كمثل اللآلي نظمها ونثرها

تقود أبيات البيان بفطنةٍ ... يكشف عن وجه البلاغة نورها

تظل المنايا والعطايا شوارعاً ... تدور بما شئنا وتمضي أمورها

إذا ما خطوب الدهر أرخت ستورها ... تجلت بنا عما تسر ستورها

<<  <  ج: ص:  >  >>