للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هبيرة بن عبد يغوث، وهو سيد مراد إذ ذاك، فتمارض وشرب ماء الرفة وهي شجرة هناك، فأصفر لونه. فبلغ عمرا أن هبير مريض، فبعث إليه طبيبا. فجاءه الطبيب وقد شرب المغرة وجعل يمجها لمّا دخل عليه الطبيب مكاويه وجعلها على بطنه، فقال له: أصبت موضع الداء! وجعل يكويه حتى كشح بطنه بالنار، وهو يريه أنه لا يجد مسها، وبذلك سمي صبيرة المكشوح، فرجع الطبيب إلى عمر وقال: وجدته مريضا ورأيته لا يحس بالنار. فلما اطمئن عمرو بن أمامة صار إليه المكشوح في قومه من تلك الليلة وثار به. فلم يشعر حتى أحاطوا به، وكان عمرو تلك الليلة مع بعض حظاياه. فلما سمعت أم ولده الغسانية جلبة الخيل قالت: أبي عمرو، أتيت! وقالت: سال قضيب حديدا، أو جاءتك مراد وفودا، فذهبت مثلا. فقال لها عمرو: أنتي غيري نغرة، أي أنك إنّما قلت ذلك غيرة منك علي، فذهبت مثلا. ومر به قطيع من القطا فقالت: يا عمرو أتيت! لو ترك القطا لنام، فذهبت مثلا. فلما انتهوا إليه وثاروا إليه، ثار إلى سيفه فخرج عليهم وهو يقول:

لقد عرفت الموت قبل ذوقه ... إنّ الجبان حتفه من فوقهِ

كل امرئٍ مقاتل عن طوقه ... كالثور يحمي جلده بروقهِ

فزعموا إنّه لقيه غلام من مراد يقال له الجعيد أو تميم بن الجعيد، وقد كان عمرو قال فيه: نعم وصيف الملك هذا! فقال الغلام:

أيَّ وصيف ملك تراني؟ ... أما تراني رابط الجنانِ؟

أفليه بالسيف إذا استفلاني ... أجيبه لبيك إذ دعاني

رويت منه علقاً سناني

ثم ضربه فقتله، فتفرق عنه الناس، ورجعت مراد إلى اليمن فاقبل الغلام الذي قتله بالغسانية وبابنيه وهما غلامان، فبلغ إلى عمرو بن هند، فقال له: أيّها الملك إني سترت عورتك، وقتلت عدوك. فقال له عمرو: إن لك لخباء أنت له أهل. اضرموا له نارا واقذفوه فيها! فقال الغلام: أيّها الملك إني كريم، فليطرحني فيها كريم فإنَ أي حسبا

<<  <  ج: ص:  >  >>