للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[تعلم الإنسان من غيره من المخلوقات]

يقول الراغب الأصفهاني في تفصيل النشاتين "ص١١٠": إن الله تعالى قد نبه على منافع جميع الموجودات وأطلع الخلائق عليها، إما بألسنة الأنبياء عليهم السلام وإما بإلهام بعض الأولياء. وكما أن حق الإنسان أن يعرف منافع الحيوانات في ذواتها فينتفع بها في المطاعم والملابس والأدوية فحقه أن يعرف أخلاقها وأفعالها فينتفع بها في اجتناب ما يستحسن واجتناب ما يستقبح منها فقد أحسن من قال: "تعلمت من كل شيء أحسن ما فيه حتى من الكلب حمايته على أهله ومن الغراب بكوره في حاجته" وقديما تعلم قابيل "ابن آدم" من الغراب كيف يواري جثة هابيل في التراب بعد أن قتله، قال تعالى: {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} وقد أشار الله إلى ذلك أيضا في وضف النحل فقال عز وجل: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ، ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} فنبه إلى أن الإنسان حقه أن يقتدي بالنحل في مراعاته لوحي الله عز وجل. وهناك أمثلة كثيرة على تعلم الإنسان من غيره من مخلوقات الله. فقد تعلم الطيران والغوص والحياة تحت سطح الماء من الأسماك.

<<  <   >  >>